269
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

(ذاكِرا) أي غير ناس لمعلوم يحتاج إليه .
(فَطِنا ، فَهِما) أي في كلّ مسألة ، وهذان مع الأوّلين ناظرات إلى الأربعة المذكورة في قوله : «منه الفطنة» إلى آخره ، فالنشر على غير ترتيب اللفّ .
(فَعَلِمَ بِذلِكَ كَيْفَ) أي كيف الحكم في مسألة مسألة .
(وَلِمَ) أي ولأيّ شيء كان الحكم فيها ذلك ، والمراد دليل المسألة .
(وَحَيْثُ) أي عرف مخصّصات الأحكام ونواسخها ومواضع التقيّة .
(وَعَرَفَ مَنْ نَصَحَهُ وَمَنْ غَشَّهُ) أي كان محدّثا عارفا بلحن القول .
(فَإِذَا عَرَفَ ذلِكَ ، عَرَفَ مَجْرَاهُ) ؛ بفتح الميم وسكون الجيم ، مصدر ميمي أو اسم مكان ، أي طريقه الذي ينبغي له سلوكه في المعاش والمعاد .
(وَمَوْصُولَهُ) أي ما ينبغي صلته من الرحم ومن نصحه ، ونحو ذلك .
(وَمَفْصُولَهُ) أي ما ينبغي قطعه من الفساد ومعاشرة من غشّه والفسّاق ونحو ذلك.
(وَأَخْلَصَ الْوَحْدَانِيَّةَ لِلّهِ تعالى۱) . «الوحداني» بفتح الواو وسكون المهملة منسوبٌ إلى الوحد أو الوحدة بزيادة الألف والنون للمبالغة ، وإذا اُريد المصدر اُلحق به التاء . ومعنى الوحدانيّة هنا التوحّد بالربوبيّة ، ومعنى إخلاصها للّه تعالى أن لا يجعل له شريكا في الأحكام ، كما مرَّ توضيحه في ثاني عشر الباب ، موافقا لقوله تعالى في آية سورة الأنعام وآيتي سورة يوسف : «إِنْ الْحُكْمُ إِلَا للّهِِ»۲ أو في الربوبيّة مطلقا .
(وَالْاءِقْرَارَ بِالطَّاعَةِ) أي للّه . و«الإقرار» منصوب على أنّه مفعول معه ، أو معطوف على الوحدانيّة . ويخدش الثاني أنّ الوحدانيّة وصف للّه تعالى ، والإقرار وصف للعبد ، وعلى التقديرين الظرف لغو والباء للإلصاق .
ويحتمل أن يكون الإقرار مرفوعا على الابتداء ، فالظرف مستقرّ وخبر ، والباء للسببيّة ، أي الإقرار بالوحدانيّة بسبب الطاعة .

1.في الكافي المطبوع : - «تعالى» .

2.الأنعام (۶) : ۵۷ ؛ يوسف (۱۲) : ۴۰ و ۶۷ .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
268

(وَالْفَهْمُ) ؛ بفتح الهاء أو سكونها ، مرَّ تفسيره في الرابع عشر عند قوله : «والفهم وضدّه الغباوة» .
(وَالْحِفْظُ) أي المحافظة على ما يجب رعايته في المبادئ من الترتيب المنتج للمطلوب .
(وَالْعِلْمُ) بالمطلوب بالاستنتاج من تلك المبادئ .
(وَبِالْعَقْلِ يَكْمُلُ) أي الإنسان .
(وَهُوَ دَلِيلُهُ) أي العقل دليل الإنسان إلى إمام الحقّ .
(وَمُبْصِرُهُ) ؛ بضمّ الميم وسكون الموحّدة وكسر الصاد المهملة ، أي مبصر الإنسان ؛ من أبصره : إذا جعله ذا بصيرة، أي ذكاء ، أو ذا بصر ، أي علم ، كقوله تعالى : «فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً»۱ ، أو بكسر الميم وفتح الصاد اسم آلة ، أو بفتح الميم والصاد اسم مكان .
(وَمِفْتَاحُ أَمْرِهِ) ؛ كما يعبّر عن كتاب اللّه بأمر اللّه . ويجيء في «كتاب الحجّة» في سادس «باب معرفة الإمام والردّ إليه» يعبّر عنه بأمر الناس ، ويجيء في «كتاب الحجّة» في عاشر «باب ما نصّ اللّه عزّ وجلّ ورسوله على الأئمّة عليهم السلام واحدا فواحدا» ۲ لأنّه صادر عن اللّه لمصلحة الناس ، فأمره عبارة عن القرآن . والمراد أنّ العقل يدلّ صاحبه إلى إمام عالم بجميع المتشابهات ، حلّال للمشكلات ، ويحمله على سؤاله عن كلّ ما يحتاج إليه ؛ فالعقل مفتاح القرآن .
(فَإِذَا كَانَ تَأْيِيدُ عَقْلِهِ مِنَ النُّورِ) . المراد بالنور أئمّة الهدى عليهم السلام ، كما يجيء في «كتاب الحجّة» في أحاديث «باب أنّ الأئمّة عليهم السلام نور اللّه عزّ وجلّ» ، وتأييد عقله من النور في صورة كونه مشاهدا لإمام من أئمّة الهدى ، مستفيدا منه مشافهةً .
(كَانَ عَالِما) بكلّ ما يحتاج إليه .
(حَافِظا) أي محافظا على ما يجب حفظه من آداب الفكر في كلّ مسألة .

1.النمل (۲۷) : ۱۳ .

2.لا يخفى عليك أنّ أحاديث هذه الباب في الكافي سبعة ، اُنظر: الكافي ، ج ۱ ، ص ۲۸۶ ـ ۲۹۱ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 118724
صفحه از 602
پرینت  ارسال به