289
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

المائدة : «وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ»۱ ، وقال فيها : «وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ»۲ ، وقال فيها : «وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ»۳ ، وهو أحسن الحديث المذكور في سورة الزمر : «اللّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابا مُتَشَابِها مَثَانِىَ»۴ ، ويجيء بيانه في شرح ثالث الثالث والعشرين من كتاب التوحيد . ۵
وحدوده الداخلة المسائل التي لا يمكن العمل بها ۶ إلّا مع العلم بها كوجوب سؤال أهل الذِّكر عن كلّ ما لم يعلم من اُمور الدِّين المحتاج إليها في وقت الحاجة سؤالاً بلا واسطة ، أو بواسطة معلومة الصدق إن تيسّر ، وإلّا فبواسطة جامعة لشروط العمل المقرّرة عند الشيعة الإماميّة في جواز العمل بأخبار الآحاد بدون إفتاء ولا قضاء .
وحدوده الخارجة الغلوّ والانتحال والتأويل كما يجيء بيانه في ثاني الثالث ۷ . والإنذار : التخويف من العذاب على اتّباع الظنّ المذكور في المحكمات المتواترة عند الأعراب أيضا ، والحذر : الاجتناب عن اتّباع الظنّ وعذابه .
الثامن : (الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ مُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللّهِ عليه السلام يَقُولُ: عَلَيْكُمْ بِالتَّفَقُّهِ فِي دِينِ اللّهِ، وَلَا تَكُونُوا أَعْرَابا؛ فَإِنَّهُ مَنْ لَمْ يَتَفَقَّهْ فِي دِينِ اللّهِ، لَمْ يَنْظُرِ اللّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَمْ يُزَكِّ لَهُ عَمَلاً) ؛ من التزكية : الإنماء ، أي لم يضاعف حسناته أو لم يقبل ؛ من زكّاه تزكية : إذا طهّره ، فإنّ شرط صحّة العمل أن يكون مع العلم بالحكم الواصلي ، كما مرّ في أوّل الباب .

1.المائدة (۵) : ۴۴ .

2.المائدة (۵) : ۴۵ .

3.المائدة (۵) : ۴۷ .

4.الزمر (۳۹) : ۲۳ .

5.أي الحديث ۳ من باب النوادر من كتاب التوحيد .

6.في النسخ : «به» والمثبت موافق للسياق .

7.أي الحديث ۲ من باب صفة العلم وفضله وفضل العالم .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
288

جمع عرب ، وإنّما العرب اسم جنس وواحده عربي ، وهم سكّان الأمصار منهم أو عامّ . والمراد بالأعرابي هنا واحد الأعراب المذكورين في قوله تعالى في سورة التوبة : «الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرا وَنِفَاقا وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى رَسُولِهِ»۱ .
(إِنَّ اللّهَ۲يَقُولُ فِي كِتَابِهِ) ؛ في سورة التوبة :
(«لِيَتَفَقَّهُوا فِى الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ»۳) . استئناف بياني لكونه كالأعرابي ، فإنّ الآية تدلّ على ذمّهم ؛ لعدم تفقّههم في الدِّين ، فإنّ صدر الآية «وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا»۴ . والمراد بالمؤمنين بعض الأعراب ، وهم المذكورون في سابق هذه الآية بقوله : «وَمِنْ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الْاخِرِ»۵ واللام في «لينفروا» لتأكيد النفي الدالّ على سهولة طريق حصول التفقّه لمؤمني الأعراب ، والفاء للتفريع على السهولة ، و«لولا» للتوبيخ وضمير «منهم» راجع إلى الأعراب المذكورين في سابق هذه الآية بقوله : «الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرا وَنِفَاقا وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى رَسُولِهِ»۶ .
واللام في «ليتفقّهوا» للتعليل ، فمَن لم يتفقّه من غيرهم داخل في حكمهم . والتفقّه مطاوع التفقيه ، فهو كسب الفقه بالكسر ، وهو الفهم ، أي العلم المفضي إلى العمل بمقتضاه ، والدِّين الطاعة . والمراد بالتفقّه في الدِّين تفهّم حدود ما أنزل اللّه على رسوله المذكورة فيما سبق .
والحدود : الأطراف ؛ وهي نوعان : داخلة وخارجة . و «مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى رَسُولِهِ» عبارة عن الآيات البيّنات المحكمات الناهية عن اتّباع الظنّ ، قال تعالى في سورة

1.التوبة (۹) : ۹۷ .

2.في الكافي المطبوع : + «تعالى» .

3.التوبة (۹) : ۱۲۲ .

4.التوبة (۹) : ۹۹ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 97292
صفحه از 602
پرینت  ارسال به