293
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

(أَوْ سُنَّةٌ قَائِمَةٌ) . السنّة بالضمّ : الطريقة ، والقائمة : المستمرّة بين أهل الحقّ . والمراد بالسنّة القائمة هنا مسألة من اُصول الفقه عليها العمل في عصر الرسول والأئمّة عليهم السلام بحيث يعلم أنّها بتقريرهم كقولنا : يجب العمل بخبر الواحد بشرط كذا ، فإنّها معلومة لنا ومفيدة لنا فيما لم نعلم من جملة الفريضة العادلة ، والمقصود حصر العلم المأمور به بالذات في الثلاثة ، فلا ينافي نفع العلم بالقواعد العربيّة ونحوها إذا توقّف العلم بأحد الثلاثة عليه ، ولم يقصد بتحصيله إلّا التوسّل به إلى تحصيلها ، ولم يتجاوز القدر الموقوف عليه .
(وَمَا خَلَاهُنَّ) . الضمير للآية والفريضة والسنّة ، أي وعلم ما خلاهنّ .
(فَهُوَ فَضْلٌ) أي زيادة غير محتاج إليه .
الثاني : (مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ) ؛ بفتح الموحّدة وسكون المعجمة وفتح المثنّاة فوقُ ومهملة : نسبة إلى البخترة ، وهي مشية حسنة ، والبختري الحسن المشي والجسيم والمختال . ۱(عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ: إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ) . المراد بـ «العلماء» الذين يعلمون الآيات البيّنات المحكمات الناهية عن اتّباع الظنّ ، وعن الاختلاف بالظنّ ، الآمرة بسؤال أهل الذِّكر عن كلّ مشتبه محتاج إليه من الدِّين علما لا يكون معه غلوّ ولا انتحال ولا تأويل . والمراد بالأنبياء الذين نزل عليهم شريعة وكتاب على حدة ، وهم ستّة : آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمّد صلّى اللّه عليه وآله وعليهم .
(وَذَاكَ أَنَّ) أي لأنّ (الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُورِثُوا) ؛ بتخفيف المهملة من الإيراث ، والمفعول الأوّل محذوف ، أي لم يورثوا اُمّتهم ۲ ومن يأتي بعدهم .
(دِرْهَما وَلَا دِينَارا) أي ليسا ميراث النبوّة ، ولا ينافي إيراثهم الورثة المعيّنين المال ۳ ؛

1.ترتيب كتاب العين ، ج ۱ ، ص ۱۳۶ ؛ ترتيب جمهرة اللغة ، ج ۱ ، ص ۱۰۱ (بختر) .

2.في «ج» : «منهم» .

3.في «أ» : - «المال» .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
292

فلا حاجة إلى تقدير ، وكذا في قوله :
(وَلَا يَنْفَعُ مَنْ عَلِمَهُ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله : إِنَّمَا الْعِلْمُ) أي ما يصلح منه لأن يطيفوا برجل لأجله لأنّه النافع منه للعالم ، والضارّ منه للجاهل ، ولا يستقلّ العقول بتحصيله .
(ثَلَاثَةٌ) أي ثلاثة علوم ، على أن تكون «أو» فيما يجيء بمعنى الواو . ويحتمل أن يقدّر مضاف ، أي أحد ثلاثة .
(آيَةٌ) . خبر مبتدأ محذوف ، والمضاف أيضا محذوف ، أي الثلاثة أو أحد الثلاثة علم آية ، ولو اُريد بالعلم المعلوم لم يحتج إلى تقدير المضاف . والمراد بالآية المفصول عمّا قبله وما بعده من جملة أجزاء سور القرآن حين إملاء رسول اللّه صلى الله عليه و آله على كاتبي القرآن . والمراد بالسورة ما لا تراخي بين أجزائه في النزول على رسول اللّه صلى الله عليه و آله من جملة القرآن .
(مُحْكَمَةٌ) . اسم مفعول من باب الإفعال . والآيات المحكمات هي الآيات القطعيّة الدلالة بحسب أذهان الرعيّة الغير المنسوخة اللاتي هنّ اُمّ الكتاب ؛ لدلالتها على تعيين أهل الذِّكر المأمور بسؤالهم ، وهم أئمّة العدل ، وبتوسّطهم على معاني الآيات المتشابهات اللاتي لا يعلمها الرعيّة إلّا بسؤال أهل الذِّكر عليهم السلام وعلى جميع ما يحتاج إليه الرعيّة ، كما مرّ في ثاني عشر باب العقل .
(أَوْ فَرِيضَةٌ عَادِلَةٌ) . الفرض : القطع . والمراد هنا بالفريضة مسألة فرضها اللّه في القرآن ، أي ذكرها فيه وقطعها عن غيرها ؛ بمعنى أنّ العالم بمضمونها لا يحتاج في الانتفاع والعمل بها إلى خطاب آخر عن اللّه أو رسوله أو أهل بيته ؛ لأنّها ليست لبيان كيفيّة العمل بخطاب آخر ، فجميع المسائل الفقهيّة الفرعيّة فرائض ؛ أي سواء كانت في الواجبات أم في المستحبّات أم في غيرهما ، بخلاف مسائل اُصول الفقه كقولنا : يجب العمل بخبر الواحد بشرط كذا ، فإنّه لا ننتفع بها إلّا إذا وصل إلينا خطاب آخر منقول آحادا .
والعادلة مسألة عدلت عن محكمات القرآن ، فهي في متشابهاته ؛ لأنّ القرآن تبيان كلّ شيء .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 95851
صفحه از 602
پرینت  ارسال به