295
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

الْمُبْطِلِينَ وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ) . فاء التعليل باعتبار دلالة مدخولها على وقوع التحريف والانتحال والتأويل في العلم ، و«في» في الموضعين للتعليل ، والظرف الثاني بدل من الأوّل ، بدلَ البعض من الكلّ ، و«أهل» منصوب بالاختصاص ، والخَلَف بفتحتين الإمام بعد الإمام ، والمراد به الإمام الحيّ ، والعدول جمع عدل بمعنى عادل ، المتوسّطون بين الإفراط والتفريط والتضييع ، وهم شيعة الخلف المؤمنون به حقّ الإيمان . وفيه إشارة إلى قوله تعالى في سورة النور : «يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْاصَالِ* رِجَالٌ» 1 ، ويجيء بيانه في «كتاب الحجّة» في سادس، السابع ، وهو «باب معرفة الإمام والردّ إليه» .
و«ينفون» بضمّ الفاء من النفي بمعنى اعتقاد بطلان شيء ، أو بمعنى الاستدلال على بطلان شيء ، والتحريف نقل شيء إلى الحرف بمعنى الطرف الخارج ، والغالون جمع اعتقدوا أنّه لا يجوز اتّباع الظنّ في محلّ الحكم الشرعي أيضا ، فأنكروا ما روي من الأحاديث في سهو النبيّ والأئمّة ، مثل ما يجيء في «كتاب الصلاة» في أوّل، الثاني والأربعين ، وهو «باب من تكلّم في صلاته أو انصرف قبل أن يتمّها أو يقوم في موضع الجلوس» .
وقد شنّع ابن بابويه في الفقيه في «كتاب الصلاة» في «باب أحكام السهو في الصلاة على الغالين» بقوله : «إنّ الغلاة والمفوّضة ـ لعنهم اللّه ـ ينكرون سهو النبيّ» 2 إلى آخر ما قال .
والانتحال أن ينسب أحد نفسه إلى مذهب ويعمل بخلافه 3 ، والمبطلون : التابعون للظنّ في نفس أحكام اللّه تعالى ويختلفون فيها بالظنون ويدّعون أنّهم من الإماميّة وليسوا منهم ، كما هو مذكور في «كتاب الروضة» تحت خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام ، وهي خطبة الوسيلة من قول جابر بن يزيد لأبي جعفر عليه السلام : قد أرمضني اختلاف الشيعة في مذاهبها ، وجواب الإمام بما حاصله : إنّ هؤلاء ليسوا شيعة ، فإنّهم أنكروا صاحب

1.النور (۲۴) : ۳۶ ـ ۳۷ .

2.الفقيه ، ج ۱ ، ص ۳۵۹ ، ذيل ح ۱۰۳۱ .

3.لسان العرب ، ج ۱۱ ، ص ۶۵۱ ؛ تاج العروس ، ج ۱۵ ، ص ۷۲۲ (نحل) .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
294

لأنّه ليس من حيث النبوّة ، ولو اُريد نفي إيراثهما مطلقا لكان ظاهر الكذب ؛ إذ ليس معنى الإيراث لغةً وشرعا إلّا إبقاء شيء إلى بعد الموت 1 ، سواء استحقّه الورثة المعيّنون شرعا في العمومات القرآنيّة أم كان صدقة .
(وَإِنَّمَا أَوْرَثُوا أَحَادِيثَ مِنْ أَحَادِيثِهِمْ) . المراد الآيات البيّنات المحكمات المشتركة مضمونا بين جميع كتب الأنبياء ، وهي الناهية عن اتّباع الظنّ والاختلاف بالظنّ الآمرة بسؤال أهل الذكر عن كلّ مشتبه ممّا يحتاج إليه من الدِّين ، فإنّ تلك الآيات أحاديث من جملة كتبهم التي هي أحاديثهم موافقا لقوله تعالى في سورة الزمر : «اللّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ» 2 ، وقوله في سورة يوسف : «مَا كَانَ حَدِيثا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ» 3 .
(فَمَنْ أَخَذَ بِشَيْءٍ مِنْهَا، فَقَدْ أَخَذَ حَظّا وَافِرا) . تفريعٌ على كون تلك الأحاديث مشتركة بين جميع شرائع الأنبياء ، فهي مهتمّ بها غاية الاهتمام ، وذكرُ شيء منها مبنيٌّ على أنّ مضمون جميع تلك الآيات واحد كرّر للتأكيد ، ولذا يسمّى 4 تلك الآيات المثاني ، فالأخذ بواحدٍ منها أخذٌ بجميعها .
وكون حظّه وافرا مبنيّ على أنّه أصل جميع الدِّين ، فإنّ الأخذ به يفضي إلى سؤال أهل الذِّكر عن كلّ مشتبه محتاج إليه من الدِّين وعبادة اللّه حقّ عبادته وترك اتّباع الظنّ والاختلاف عن الظنّ .
(فَانْظُرُوا عِلْمَكُمْ هذَا عَمَّنْ تَأْخُذُونَهُ؟) . تفريعٌ على ما سبق . و«علمكم هذا» عبارة عن المضمون المشترك بين جميع الأنبياء ، و«مَن» للاستفهام ، وأخذه عبارة عن التفقّه فيه بحيث يندفع عنه المعارضات الوهميّة المقتضية للغلوّ أو الانتحال أو التأويل .
(فَإِنَّ فِينَا ـ أَهْلَ الْبَيْتِ ـ فِي كُلِّ خَلَفٍ عُدُولاً يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ وَانْتِحَالَ

1.النهاية ، ج ۵ ، ص ۱۷۲ ؛ المصباح المنير ، ص ۶۵۴ (ورث) .

2.الزمر (۳۹) : ۲۳ .

3.يوسف (۱۲) : ۱۱۱ .

4.في «ج» : «سمّى» .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 95832
صفحه از 602
پرینت  ارسال به