299
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

ويحتمل أن يكون المراد به الاعتماد على عقله في دقيق الأشياء وجليلها ، فإنّه رأس كلّ ضلالة ، ويبعّد هذا أنّ الاعتماد من تتمّة الشرط ، كما يظهر ممّا فسّرنا به قوله : «احتاج إليهم» فهم لم يدخلوه فيه ، بل هو أدخل نفسه فيه ، وإنّما لم يقل : أدخلوه من باب ، لأنّ المراد إدخالهم إيّاه في نفس الباب ، لا في ضلالتهم ، وإن كان الأوّل مستتبعا للثاني مطلقا أو غالبا .
(وَهُوَ لَا يَعْلَمُ) . الواو للحال ، والضمير للرجل ؛ أي لا يعلم أنّهم أدخلوه في الباب ، وهذا مجرّب مُشاهد فيمن لم يقتف من أصحابنا آثار أهل البيت في اُصول الدِّين ونحوها ، فإنّه سلّم من المخالفين كثيرا من أباطيلهم الداعية إلى القول على اللّه بغير علم ، نحو قولهم : ظنّيّة الطريق لا ينافي قطعيّة الحكم ، فادّعى العلم بكلّ ما قال .
إن قلت : إذا لم يعلم أنّهم أدخلوه كان معذورا غير مؤاخذ .
قلت : هذا إنّما يصحّ في المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً ، ويجيء بيانهم في «كتاب الإيمان والكفر» في «باب المستضعف» . وأمّا غيرهم فيؤاخذ لترك ما هو ضروري كلّ دين من وجوب سؤال أهل الذِّكر عمّا ليس من ضروريّات الدِّين ولا من ضروريّات المذهب ، وقد مرَّ بيانه في ثاني عشر «باب العقل» ، ويجيء في عاشر «باب النوادر» .
الثامن : (عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنِ النَّوْفَلِيِّ، عَنِ السَّكُونِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام ، قَالَ) . الضمير لأبي عبداللّه عليه السلام .
(قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : لَا خَيْرَ فِي الْعَيْشِ إِلَا لِرَجُلَيْنِ: عَالِمٍ) ؛ بالجرّ بدل تفصيل ، أو بالرفع خبر مبتدأ محذوف . والمراد من يعلم القدر المعتدّ به أو المحتاج إليه من المسائل الشرعيّة .
(مُطَاعٍ) ؛ بضمّ الميم ، والمراد ثقة معتمد عليه في أحكام اللّه تعالى ، وهو من صدّق فعله قوله .
(أَوْ) ؛ بمعنى الواو ، أو معنى «لرجلين» لأحد رجلين .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
298

(وَالْأَتْقِيَاءُ حُصُونٌ، وَالْعُلَمَاءُ۱سَادَةٌ) . المراد بـ«العلماء» هنا أخصّ من السابق ، أي الأوصياء . ويجيء تفسيره بهم في آخر «باب أصناف الناس» ۲ . وفي بعض النسخ «الأوصياء» بدل «العلماء» .
السابع : (أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ إِدْرِيسَ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْكِنْدِيِّ) ؛ بكسر الكاف وسكون النون ومهملة . وكندة أبو حيّ من اليمن ، وهو كندة بن ثور . ۳(عَنْ بَشِير الدَّهَّانِ) ؛ بفتح المهملة وشدّ الهاء .
(قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه السلام : لَا خَيْرَ فِيمَنْ لَا يَتَفَقَّهُ مِنْ أَصْحَابِنَا) . «من» للتبعيض أو للابتداء بتضمين التفقّه معنى الأخذ .
(يَا بَشِيرُ، إِنَّ الرَّجُلَ مِنْهُمْ) أي من أصحابنا أو من المخالفين ؛ وفيه حينئذٍ وعيد .
(إِذَا لَمْ يَسْتَغْنِ بِفِقْهِهِ) أي بما اعترف بأنّه الفقه من طريقة أهل البيت أو بما أمر بتحصيله من الفقه على طريقتهم عليهم السلام دون طريقة المخالفين .
(احْتَاجَ إِلَيْهِمْ) أي إلى المخالفين ومطالعة كتبهم في اُصول الدِّين واُصول الفقه ونحو ذلك . ومعنى الاحتياج إليهم توهّم أنّه يمكن جعل ما سمّوه فقها وليس بفقه طريقا للفقه الواجب في الدِّين ، وذلك لاعتماده بتسويلات إبليس على ذهنه في التمييز بين الحقّ والباطل في دقيق الأشياء وجليلها بدون سؤال أهل الذِّكر والرجوع إلى آثارهم .
(فَإِذَا احْتَاجَ إِلَيْهِمْ، أَدْخَلُوهُ فِي بَابِ ضَلَالَتِهِمْ) . إضافة «الباب» إلى «ضلالتهم» لاميّة ، والمراد بباب ضلالتهم الاجتهاد الظنّي والقول على اللّه بغير علم ، فإنّه يفتح على الإنسان سائر الضلالات ، كما أنّ الكفّ عنه يفتح عليه سائر الحقّ ، كما يجيء في سابع الثاني عشر ۴ وحادي عشر السابع عشر ۵ .

1.في الكافي المطبوع : «الأوصياء» .

2.أي الحديث ۴ من باب أصناف الناس .

3.الصحاح ، ج ۲ ، ص ۵۳۲ (كند) .

4.أي الحديث ۷ من باب النهي عن القول بغير علم .

5.أي الحديث ۱۱ من باب النوادر .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 95810
صفحه از 602
پرینت  ارسال به