ويحتمل أن يكون المراد به الاعتماد على عقله في دقيق الأشياء وجليلها ، فإنّه رأس كلّ ضلالة ، ويبعّد هذا أنّ الاعتماد من تتمّة الشرط ، كما يظهر ممّا فسّرنا به قوله : «احتاج إليهم» فهم لم يدخلوه فيه ، بل هو أدخل نفسه فيه ، وإنّما لم يقل : أدخلوه من باب ، لأنّ المراد إدخالهم إيّاه في نفس الباب ، لا في ضلالتهم ، وإن كان الأوّل مستتبعا للثاني مطلقا أو غالبا .
(وَهُوَ لَا يَعْلَمُ) . الواو للحال ، والضمير للرجل ؛ أي لا يعلم أنّهم أدخلوه في الباب ، وهذا مجرّب مُشاهد فيمن لم يقتف من أصحابنا آثار أهل البيت في اُصول الدِّين ونحوها ، فإنّه سلّم من المخالفين كثيرا من أباطيلهم الداعية إلى القول على اللّه بغير علم ، نحو قولهم : ظنّيّة الطريق لا ينافي قطعيّة الحكم ، فادّعى العلم بكلّ ما قال .
إن قلت : إذا لم يعلم أنّهم أدخلوه كان معذورا غير مؤاخذ .
قلت : هذا إنّما يصحّ في المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً ، ويجيء بيانهم في «كتاب الإيمان والكفر» في «باب المستضعف» . وأمّا غيرهم فيؤاخذ لترك ما هو ضروري كلّ دين من وجوب سؤال أهل الذِّكر عمّا ليس من ضروريّات الدِّين ولا من ضروريّات المذهب ، وقد مرَّ بيانه في ثاني عشر «باب العقل» ، ويجيء في عاشر «باب النوادر» .
الثامن : (عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنِ النَّوْفَلِيِّ، عَنِ السَّكُونِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام ، قَالَ) . الضمير لأبي عبداللّه عليه السلام .
(قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : لَا خَيْرَ فِي الْعَيْشِ إِلَا لِرَجُلَيْنِ: عَالِمٍ) ؛ بالجرّ بدل تفصيل ، أو بالرفع خبر مبتدأ محذوف . والمراد من يعلم القدر المعتدّ به أو المحتاج إليه من المسائل الشرعيّة .
(مُطَاعٍ) ؛ بضمّ الميم ، والمراد ثقة معتمد عليه في أحكام اللّه تعالى ، وهو من صدّق فعله قوله .
(أَوْ) ؛ بمعنى الواو ، أو معنى «لرجلين» لأحد رجلين .