313
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

الثاني : التنبيه على دلالته على وجوب إمام معصوم عالم بجميع ما يحتاج إليه الاُمّة في كلّ زمان إلى انقراض التكليف .
و«منكم» حال ضمير «يعلم» أو حال «العلم» . وعلى الأوّل «من» للتبعيض واحتراز عن الأئمّة ، فإنّ أجرهم في التعليم أكثر ، وعلى الثاني «من» للتعليل باعتبار انحصار الانتفاع به في المخاطبين ، واحتراز عمّا يصدق به المخاطبون والمخالفون من جملة الآيات البيّنات المحكمات ، نحو : «أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ»۱ .
وضمير «له» للمعلّم ، و«الفضل» النعمة والتطوّل ، وضمير «عليه» للمتعلِّم ، والظرف متعلّق بالفضل . والمراد أنّه يجب على المتعلِّم شكر المُعلِّم ؛ لنعمته عليه ، وهو غير الثواب الاُخرويّ .
(فَتَعَلَّمُوا الْعِلْمَ مِنْ حَمَلَةِ الْعِلْمِ) ؛ بالمهملة والميم المفتوحتين ، جمع «حامل» .
(وَعَلِّمُوهُ إِخْوَانَكُمْ) أي لتحوزوا أجر التعليم والفضل مع أجر التعلّم .
(كَمَا عَلَّمَكُمُوهُ الْعُلَمَاءُ) . الظرف متعلّق بعلّموه ، وهو: إمّا ترغيب في التعليم و«ما» كافّة ، أي لولا فتح باب التعليم وحسنه لما وصل إليكم العلم من العلماء ، كما تقول : «أحسن إليّ كما أحسن اللّه إليك» لا تريد أن يكون إحسانه مثل إحسان اللّه ، بل تريد ترغيبه فيه ، وأنّ مَن أحبّ إحسان من فوقه إليه ، فليحبّ إحسانه إلى من تحته .
وإمّا بيان لكيفيّة التعليم المأمور به ، و«ما» مصدريّة ، أي لا تزيدوا على لفظه ، أو على معناه ، أو على بيان المحتاج إليه في التعليم ؛ فإنّه يتشتّت به ذهن المتعلِّم ولا تنقصوا عنه .
وقال ابن هشام في مغنى اللبيب في معاني الكاف الحرفيّة :
الثاني : التعليل ، أثبت ذلك قوم ، ونفاه الأكثرون ، وقيّد بعضهم جوازه بأن تكون الكاف مكفوفة بـ «ما» كحكاية سيبويه ، كما أنّه لا يعلم فتجاوز اللّه عنه ، وألحق جوازه في المجرّدة من «ما» نحو : «وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ»۲ ؛ أي أعجب لعدم فلاحهم ، وفي

1.البقرة (۲) : ۴۳ .

2.القصص : (۲۸) ۸۲ .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
312

حقيقة ، فكفّار الجنّ تبع للمستغفرين حقيقة لمؤمني الإنس ، فكانوا مستغفرين لهم مجازا .
(وَفَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلى سَائِرِ النُّجُومِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ) . مضى شرح نظيره في عاشر باب صفة العلم .
و«ليلة» منصوب على الظرفية لفضل ، و«ليلة البدر» بالفتح ليلة الرابع عشر من الشهر ، وسمّي بدرا لمبادرته الشمس بالطلوع قبيل غروبها كأنّه يُعجلها المغيبَ ، ويُقال : سمّي لتمامه واستدارته . ۱(وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ ؛ إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا) ؛ بتشديد الراء . (دِينَارا وَلَا دِرْهَما ، وَلكِنْ وَرَّثُوا الْعِلْمَ) أي أحاديث من أحاديثهم فيها العلم .
(فَمَنْ أَخَذَ مِنْهُ ، أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ) . مضى شرحه في ثاني باب صفة العلم .
الثاني : (مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ صَالِحٍ۲، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام ، قَالَ : إِنَّ الَّذِي يُعَلِّمُ الْعِلْمَ مِنْكُمْ لَهُ أَجْرٌ مِثْلُ أَجْرِ الْمُتَعَلِّمِ ، وَلَهُ الْفَضْلُ عَلَيْهِ) . «يعلّم» بصيغة معلوم باب التفعيل ، و«العلم» مفعول به ، كالحقّ في آية سورة يونس : «يُحِقُّ اللّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ»۳ .
والمراد بالعلم ما مضى في أوّل الثالث ۴ في قوله : «إنّما العلم ثلاثة : آيةٌ محكمة ، أو فريضةٌ عادلة ، أو سنّةٌ قائمة» . أو المراد القدر المشترك بين الآيات البيّنات المحكمات ، الناهية عن اتّباع الظنّ ، الآمرة بسؤال أهل الذِّكر وما يوافقها من أحاديث أهل البيت عليهم السلام .
وحينئذٍ تعليمه قسمان :
الأوّل : دفع تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين عنه كما مرّ في ثاني الثالث . ۵

1.النهاية ، ج ۱ ، ص ۱۰۶ ؛ المصباح المنير ، ص ۳۸ (بدر) .

2.في الكافي المطبوع : «جميل بن درّاج» .

3.يونس (۱۰) : ۸۲ .

4.أي الحديث ۱ من باب صفة العلم وفضله .

5.أي الحديث ۲ من باب صفة العالم وفضله .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 95840
صفحه از 602
پرینت  ارسال به