الثاني : التنبيه على دلالته على وجوب إمام معصوم عالم بجميع ما يحتاج إليه الاُمّة في كلّ زمان إلى انقراض التكليف .
و«منكم» حال ضمير «يعلم» أو حال «العلم» . وعلى الأوّل «من» للتبعيض واحتراز عن الأئمّة ، فإنّ أجرهم في التعليم أكثر ، وعلى الثاني «من» للتعليل باعتبار انحصار الانتفاع به في المخاطبين ، واحتراز عمّا يصدق به المخاطبون والمخالفون من جملة الآيات البيّنات المحكمات ، نحو : «أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ»۱ .
وضمير «له» للمعلّم ، و«الفضل» النعمة والتطوّل ، وضمير «عليه» للمتعلِّم ، والظرف متعلّق بالفضل . والمراد أنّه يجب على المتعلِّم شكر المُعلِّم ؛ لنعمته عليه ، وهو غير الثواب الاُخرويّ .
(فَتَعَلَّمُوا الْعِلْمَ مِنْ حَمَلَةِ الْعِلْمِ) ؛ بالمهملة والميم المفتوحتين ، جمع «حامل» .
(وَعَلِّمُوهُ إِخْوَانَكُمْ) أي لتحوزوا أجر التعليم والفضل مع أجر التعلّم .
(كَمَا عَلَّمَكُمُوهُ الْعُلَمَاءُ) . الظرف متعلّق بعلّموه ، وهو: إمّا ترغيب في التعليم و«ما» كافّة ، أي لولا فتح باب التعليم وحسنه لما وصل إليكم العلم من العلماء ، كما تقول : «أحسن إليّ كما أحسن اللّه إليك» لا تريد أن يكون إحسانه مثل إحسان اللّه ، بل تريد ترغيبه فيه ، وأنّ مَن أحبّ إحسان من فوقه إليه ، فليحبّ إحسانه إلى من تحته .
وإمّا بيان لكيفيّة التعليم المأمور به ، و«ما» مصدريّة ، أي لا تزيدوا على لفظه ، أو على معناه ، أو على بيان المحتاج إليه في التعليم ؛ فإنّه يتشتّت به ذهن المتعلِّم ولا تنقصوا عنه .
وقال ابن هشام في مغنى اللبيب في معاني الكاف الحرفيّة :
الثاني : التعليل ، أثبت ذلك قوم ، ونفاه الأكثرون ، وقيّد بعضهم جوازه بأن تكون الكاف مكفوفة بـ «ما» كحكاية سيبويه ، كما أنّه لا يعلم فتجاوز اللّه عنه ، وألحق جوازه في المجرّدة من «ما» نحو : «وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ»۲ ؛ أي أعجب لعدم فلاحهم ، وفي