323
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

أعمال الأخسرين أعمالاً «الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِى الْحَيَوةِ الدُّنْيَا وَ هُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا»۱ ، وأنّ مصالحه تعالى في شرع الأحكام ، وأمر الثواب والعقاب ليست على طبق أمانيّ الناس وآرائهم ، لم يرخّص في القول على اللّه بغير علم ، ولا في العمل بغير علم فإنّ العالم بهذه الاُمور لا يتّكل على الأمانيّ الفارغة ، ولا يحكم عن رأي واجتهاد ، ولا يعمل عن ظنّ وتكون له مع رجائه خشية .
الثالث : (عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِيِّ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْقَمَّاطِ) بفتح القاف وتشديد الميم ، أي بيّاع القماط ـ ككتاب ـ خرقة يقمط بها الصبيّ ، أي يشدّ يداه ورجلاه . ۲(عَنِ الْحَلَبِيِّ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام : أَلَا) بهمزة الاستفهام ولا النافية ، ففي الكلام حذف بعد تمام الجملة الاستفهاميّة فيقدّر «قالوا : بلى فقال» ويجوز أن يكون حرف تنبيه فلا حذف .
(اُخَبِّرُكم)۳ ؛ من باب التفعيل . والفرق بين الإخبار والتخبير كالفرق بين الإنباء والتنبيء ؛ في أنّ الأوّل إلقاء الخبر ، سواء حصل به علم أم لا ، والثاني ما مع التعليم ، قال تعالى في سورة التحريم : «مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِى الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ»۴ ، يُقال : خبر ـ كحسن ـ ، وخبره ـ كعلم ـ : إذا عرف حقّ المعرفة .
(بِالْفَقِيهِ) . المراد به من يؤخذ منه أحكام الشرع . (حَقِّ الْفَقِيهِ؟) . الحقّ خلاف الباطل ، أو بمعنى الحقيق ، أي الجدير بأن يسمّى فقيها ، وهو مجرور على أنّه بدل الفقيه ، وقيل : صفته ، كما مضى في رابع الثالث ۵ ، فما بعده خبر مبتدأ محذوف أي هو ، ويحتمل الرفع بالابتداء فيكون ما بعده خبره .

1.الكهف (۱۸) : ۱۰۴ .

2.ترتيب كتاب العين ، ج ۳ ، ص ۱۵۲۴ (قمط) .

3.في الكافي المطبوع : «أخبِرُكم» .

4.التحريم (۶۶) : ۳ .

5.أي الحديث ۱۴ من باب صفة العلم وفضله وفضل العلماء .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
322

اعلم أنّ هنا وجها آخر يرجع إلى الأوّل ، هو أن يكون المراد بالعلماء الذين يعلمون اللّه . ويؤيّد هذا ما في «كتاب الروضة» في صحيفة عليّ بن الحسين عليهماالسلام وكلامه في الزهد من قوله : «فمَن عرف اللّه خافه ، وحثّه الخوف على العمل بطاعة اللّه ، وأنّ أرباب العلم وأتباعهم الذين عرفوا اللّه فعملوا له ورغبوا إليه ، وقد قال اللّه : «إِنَّمَا يَخْشَى اللّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ»۱ ، وما في الصحيفة الكاملة من دعائه عليه السلام في الإلحاح على اللّه تعالى من قوله : «سبحانك أخشى خلقك لك أعلمهم بك» الدعاء ۲ .

بيان ذلك أنّ خشية اللّه على قسمين :

الأوّل : خشية متعلِّقة بالدنيا ، وهي خشية خذلانه واستدراجه ومكره وإزاغته للقلب بعد الهداية وإضلاله ، ونحو ذلك ، وهذه إنّما تحصل بالعلم بأنّ بيده تعالى أزمّة الاُمور كلّها ، وأنّه خالق كلّ شيء حتّى معاصي العباد ، وأنّه لا يجب عليه كلّ لطف ناجع ۳ ، إنّما يجب عليه اللطف المزيح لعلّة المكلّف ، وأنّه لا يقع شيء في الأرض ولا في السماء إلّا بمشيئته وإرادته وقدره وقضائه وإذنه ، وأنّه يضلّ مَن يشاء ويهدي مَن يشاء ، وأنّ العبد غير مستقلّ بالقدرة على فعله وإن كان له أصل القدرة على كلٍّ من الفعل والترك ، وهو المؤثّر في أفعال نفسه ، ويستحقّ على فعله المدح أو الذمّ عقلاً ، والثواب أو العقاب ، وهذا مذهب الواسطة بين الجبر والتفويض ، وسيتّضح في «باب الاستطاعة» وغيره من أبواب «كتاب التوحيد» .
الثاني : خشية متعلّقة بالآخرة ، وهي خشية عقابه ونسيانه وعدم النظر ، وعدم تزكية الأعمال ، ونحو ذلك ، وهذه إنّما تحصل بالعلم بأنّه تعالى لا يُسأل عمّا يفعل وهُم يُسألون ، ويجيء شرحه في سادس «باب المشيّة والإرادة» من «كتاب التوحيد» ، وبالعلم بزواجره ومواعيده ، وأنّ العفو عن بعض العاصين ظلم بل ظلاميّة ، وهو تعالى ليس بظلّام للعبيد ، وأنّه سيبدو لهم من اللّه ما لم يكونوا يحتسبون ، وأنّ اللّه تعالى يحبط

1.الكافي ، ج ۸ ، ص ۱۶ ، ح ۲ . والآية في سورة فاطر (۳۵) : ۲۸ .

2.الصحيفة السجادية ، ص ۳۰۲ ، دعاؤه في الإلحاح .

3.أي ظاهر أثره . المصباح المنير ، ص ۵۹۴ (نجع).

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 118703
صفحه از 602
پرینت  ارسال به