325
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

الإنسان هو اللّه ، وأنّ العبد كاسب ، والفلاسفة القائلين بأنّ تخلّف المعلول عن العلّة التامّة محال ۱ ، ويجيء بيان مذاهبهم في «كتاب التوحيد» في شرح «باب الجبر والقدر والأمر بين الأمرين» وهو الثلاثون ؛ وذلك لأنّه يستلزم بطلان الثواب والعقاب وهو إباحة .
الرابعة : القائلون بأنّ وعيد اللّه تعالى على المعاصي تهديد ، وهو من قبيل الإنشاء ، فيجوز إخلافه ، ويستندون إلى قول الشاعر :

وأنّي إذا أوعدته أو وعدتهلمخلف إيعادي ومنجز موعدي۲
الخامسة : الصوفيّة ، القائلون بأنّه إذا ظهرت الحقائق بطلت الشرائع ، ويروّجون ذلك بقياسات شعريّة كتشبيه الأعمال الشرعيّة بمعالجات الأطبّاء وتدبيرات أهل الكيمياء ، كما في الدفتر الخامس من مثنوي الرومي ، ويروّجونه أيضا بدعوى العلم باتّحاد الموجودات بالمكاشفة بدون برهان ، وأنّه حينئذٍ لا يتصوّر تكليف ، وهذا إنكار للشريعة وصانع العالم في لباس ، وقول اللّه أصدق من قولهم ؛ قال تعالى في سورة البقرة وسورة النمل : «قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ»۳ .
(وَلَمْ يَتْرُكِ الْقُرْآنَ رَغْبَةً عَنْهُ إِلى غَيْرِهِ) . «رغبة» مفعول له للمنفيّ ، وهي إذا عدِّيت بـ «عن» بمعنى النفرة ، و«غيره» بمعنى ضدّه أو أعمّ منه ، والرغبة عن القرآن إلى غيره ما صدر عن منافقي الأصحاب المذكور في سورة يونس : «وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ»۴
.
ويجيء في «كتاب الحجّة» في السابع والثلاثين من السابع والمائة ۵ ، وما صدر عن

1.استحالة تخلف المعلول عن العلّة التامة ثابتة بين الفلاسفة ، وللمثال يراجع الحكمة المتعالية ، ج ۱ ، ص ۲۱۷ ، و ج ۲ ، ص ۲۹۹ و ۳۲۲ ؛ و ج ۹ ، ص ۳۷۴ .

2.حكاه الباقلاني في تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل ، ص ۴۰۱ ، باب القول في الوعد والوعيد ؛ تفسير الرازي ، ج ۲ ، ص ۵۷ ، المسألة الثانية عشرة ؛ تاريخ مدينة دمشق ، ج ۶۷ ، ص ۱۱۲ .

3.البقرة (۲) : ۱۱۱ ؛ النمل (۲۷) : ۶۴ .

4.يونس (۱۰) : ۱۵ .

5.أي الحديث ۳۷ من باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
324

(مَنْ لَمْ يُقَنِّطِ) ؛ بتشديد النون . والقنوط : إظهار اليأس ، أو هو أشدّ اليأس ومضى في رابع عشر الأوّل ۱ أنّ القنوط ضدّ الرجاء .
(النَّاسَ مِنْ رَحْمَةِ اللّهِ) أي إيصاله النفع ، وأمّا دفعه الضرر فهو رَوح اللّه بفتح المهملة ، ويجيء في «كتاب الإيمان والكفر» في عاشر «باب الكبائر» ، وهو الاثنا عشر والمائة : «الكبائر القنوط من رحمة اللّه ، والإياس من روح اللّه ، والأمن من مكر اللّه » إلى آخره .
(وَلَمْ يُؤْمِنْهُمْ) ؛ من باب الإفعال ، والأمن : ضدّ الخوف .
(مِنْ عَذَابِ اللّهِ) ، هو مكر اللّه المذكور في سورة الأعراف : «فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلَا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ»۲ ، أو أعمّ منه .
(وَلَمْ يُرَخِّصْ) ؛ من باب التفعيل . (لَهُمْ فِي مَعَاصِي اللّهِ) . الترخيص في المعاصي لازم قول طوائف :
الاُولى : المرجئة ، وهم الذين قالوا : إنّ الإيمان محض العلم بصدق جميع ما جاء به الرسول ، ويؤخّرون الأعمال عن الإيمان ، ويقولون : لا يضرّ مع الإيمان معصية ، ويجعلون إيمان أفسق الفسّاق في مرتبة إيمان جبرئيل وميكائيل ، كما يجيء في «كتاب الحجّة» في ثاني «باب ما أمر النبيّ صلى الله عليه و آله بالنصيحة لأئمّة المسلمين واللزوم لجماعتهم ومَن هم» وهو الاثنان والمائة .
الثانية : الأشاعرة ، حيث نفوا التحسين والتقبيح العقليّين ، فجوّزوا الكذب وإظهار المعجزة على يد الكاذب ، وتخليد الأنبياء في جهنّم ، وتخليد المشركين في الجنّة ونحو ذلك ، وهم أهل الإباحة .
الثالثة : الجبريّة ، القائلون بالجبر ، وهو القدر المشترك بين مذهب الجهميّة ۳ القائلين بأنّ فعل الإنسان كحركة الورق على الشجر ، والأشاعرة القائلين بأنّ فاعل فعل

1.أي الحديث ۱۴ من كتاب العقل والجهل .

2.الأعراف (۷) : ۹۹ .

3.الجهمية ، جماعة من الجبرية ، رئيسهم جهم بن صفوان؛ ظهرت بدعته بمدينة ترمذ وقتله مسلم بن أحوز بمرو في آخر ملك بني اُمية وتفصيل عقائد الجهمية في الملل والنحل ، ج ۱ ، ص ۸۶ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 118584
صفحه از 602
پرینت  ارسال به