الإنسان هو اللّه ، وأنّ العبد كاسب ، والفلاسفة القائلين بأنّ تخلّف المعلول عن العلّة التامّة محال ۱ ، ويجيء بيان مذاهبهم في «كتاب التوحيد» في شرح «باب الجبر والقدر والأمر بين الأمرين» وهو الثلاثون ؛ وذلك لأنّه يستلزم بطلان الثواب والعقاب وهو إباحة .
الرابعة : القائلون بأنّ وعيد اللّه تعالى على المعاصي تهديد ، وهو من قبيل الإنشاء ، فيجوز إخلافه ، ويستندون إلى قول الشاعر :
وأنّي إذا أوعدته أو وعدتهلمخلف إيعادي ومنجز موعدي۲
الخامسة : الصوفيّة ، القائلون بأنّه إذا ظهرت الحقائق بطلت الشرائع ، ويروّجون ذلك بقياسات شعريّة كتشبيه الأعمال الشرعيّة بمعالجات الأطبّاء وتدبيرات أهل الكيمياء ، كما في الدفتر الخامس من مثنوي الرومي ، ويروّجونه أيضا بدعوى العلم باتّحاد الموجودات بالمكاشفة بدون برهان ، وأنّه حينئذٍ لا يتصوّر تكليف ، وهذا إنكار للشريعة وصانع العالم في لباس ، وقول اللّه أصدق من قولهم ؛ قال تعالى في سورة البقرة وسورة النمل : «قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ»۳ .
(وَلَمْ يَتْرُكِ الْقُرْآنَ رَغْبَةً عَنْهُ إِلى غَيْرِهِ) . «رغبة» مفعول له للمنفيّ ، وهي إذا عدِّيت بـ «عن» بمعنى النفرة ، و«غيره» بمعنى ضدّه أو أعمّ منه ، والرغبة عن القرآن إلى غيره ما صدر عن منافقي الأصحاب المذكور في سورة يونس : «وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ»۴
.
ويجيء في «كتاب الحجّة» في السابع والثلاثين من السابع والمائة ۵ ، وما صدر عن
1.استحالة تخلف المعلول عن العلّة التامة ثابتة بين الفلاسفة ، وللمثال يراجع الحكمة المتعالية ، ج ۱ ، ص ۲۱۷ ، و ج ۲ ، ص ۲۹۹ و ۳۲۲ ؛ و ج ۹ ، ص ۳۷۴ .
2.حكاه الباقلاني في تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل ، ص ۴۰۱ ، باب القول في الوعد والوعيد ؛ تفسير الرازي ، ج ۲ ، ص ۵۷ ، المسألة الثانية عشرة ؛ تاريخ مدينة دمشق ، ج ۶۷ ، ص ۱۱۲ .
3.البقرة (۲) : ۱۱۱ ؛ النمل (۲۷) : ۶۴ .
4.يونس (۱۰) : ۱۵ .
5.أي الحديث ۳۷ من باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية .