(أَلَا لَا خَيْرَ فِي عِبَادَةٍ لَيْسَ فِيهَا تَفَكُّرٌ) . هذا تثريب على قسم آخر من المخالفين ، وهم الذين لا يعلمون مضمون الآيات البيّنات المحكمات ولا يقرؤون من القرآن إلّا المفروض في الصلاة ، وهو سورة الفاتحة ونحوها ، بأنّ سورة الفاتحة صريحة كافية فيما نحن فيه لمَن تفكّر فيها ، فإنّ الصراط المستقيم صراط الذين أنعم اللّه عليهم من النبيّين والصدِّيقين والشهداء والصالحين عبارة عن اتّباع العلم وأهله ، والاجتناب عن اتّباع الظنّ ، وعن الاختلاف عن ظنّ ، وعن أئمّة الضلالة كما في سورة العنكبوت : «أَقِمْ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللّهِ أَكْبَرُ»۱ ، ويجيء بيانه في أوّل «كتاب فضل القرآن» .
(وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرى) أي في رواية بعض العدّة بعد قوله : «إلى غيره» في الرواية الاُولى . وحاصل الروايتين واحد ، فإنّ الفقه الفهم ، وهو ثمرة التفكّر ، والفقرة الرابعة تأكيد للفقرة الثالثة ، وليس مضمونا آخر ، ولذا لم يذكر في الرواية الاُولى .
(أَلَا لَا خَيْرَ فِي عِلْمٍ لَيْسَ فِيهِ تَفَهُّمٌ ، أَلَا لَا خَيْرَ فِي قِرَاءَةٍ لَيْسَ فِيهَا تَدَبُّرٌ ، أَلَا لَا خَيْرَ فِي عِبَادَةٍ لَا فِقْهَ فِيهَا ، أَلَا لَا خَيْرَ فِي نُسُكٍ لَا وَرَعَ فِيهِ) . «النسك» بالفتح والضمّ والكسر وبضمّتين : العبادة ، و«الورع» بفتح الواو وبفتح المهملة : الاجتناب عن المنهيّ عنه صريحا ، وهو راجع إلى الفقه الحاصل بالتفكّر في سورة الفاتحة .
الرابع : (مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ؛ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ) ؛ بالشين والذال المعجمتين . (النَّيْسَابُورِيِّ) ؛ بفتح النون وسكون الخاتمة ومهملة . (جَمِيعا ، عَنْ صَفْوَانَ) ؛ بفتح المهملة . (بْنِ يَحْيى ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا عليه السلام ، قَالَ : إِنَّ مِنْ عَلَامَاتِ الْفِقْهِ)۲ أي الممدوح شرعا منه ، (الْحِلْمَ) ؛ بكسر المهملة وسكون اللام : ضدّ السفه . والمراد الاحتياط في التكذيب لئلّا يكون من الذين كذّبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولمّا يأتهم تأويله ، أو المراد أعمّ منه ومن غيره . (وَالصَّمْتَ) ؛ بفتح