329
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

عنه بين الناس وتصير دأبا مستمرّا بينهم ، كان أولى بالأفعال الحسنة حتّى الخدمة من الجاهل ، والأحقّيّة من هذه الحيثيّة لا ينافي كونه أحقّ بالمخدوميّة من حيثيّة اُخرى ، وهي النظر إلى مرتبة الجاهل والعالم في نفسهما مع قطع النظر عن التعليم ، ولذا قال عليه السلام :
(إِنَّمَا تَوَاضَعْتُ هكَذَا) . الهاء للتنبيه والكاف للتشبيه و«ذا» إشارة إلى غسل الأقدام ، والظرف منصوب المحلّ على أنّه صفة مفعول مطلق محذوف ، أي تواضعا .
إن قلت : لا يجوز كون الكاف للتشبيه ؛ للزوم اتّحاد المشبّه والمشبّه به ، فهي زائدة .
قلت : غسل الأقدام ليس نفس التواضع ، بل هو دالّ عليه بقرينة الأحوال ، فربّما تحقّق غسل قدم يكون ترفّعا أو سخريّة ، وإنّما التواضع أمر معنوي قائم بالنفس الناطقة ، فشبّه المدلول بالدالّ للمطابقة بينهما ، ونظيره تجويز بعضٍ 1 كونَ نحو : بعت واشتريت من صيغ العقود إخباراتٍ عن معانٍ قائمة بالنفس لا إنشاءات ، ويحتمل أن يكون من تشبيه الكلّي بفرده ومجازا .
(لِكَيْمَا تَتَوَاضَعُوا) . اللام للتعليل ، و«كي» بمنزلة أن المصدريّة معنىً وعملاً ، و«ما» زائدة للتقوية، مثلها في : «فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللّهِ لِنْتَ لَهُمْ» 2 ؛ وذلك بالإشارة إلى نفي أن يكون العلّة سوى ما ذكر .
(بَعْدِي) . كان ذكره إشارة إلى أنّ هذه الأحقّيّة ليست جارية في كلّ عالم ، بل إنّما هي في الأنبياء والأوصياء المنصوبين من اللّه لهداية الناس ، ونظيره ما في نهج البلاغة : «لئلّا يتبيّغ 3 بالفقير فقره» . 4 (فِي النَّاسِ كَتَوَاضُعِي لَكُمْ . ثُمَّ قَالَ عِيسى عليه السلام : بِالتَّوَاضُعِ تُعْمَرُ الْحِكْمَةُ ، لَا بِالتَّكَبُّرِ ؛

1.في حاشية «أ ، ج ، د» : «البعض شارح مختصر الاصول (منه دام ظله)» .

2.آل عمران (۳) : ۱۵۸ .

3.في المصدر : «كيلا» بدل «لئلا» ، وفي حاشية «أ» : «بيغ به مجهولاً وتبيغ عليه الأمر : اختلط ، والدم هاج وغلب» . القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۱۰۴ (بيغ) .

4.نهج البلاغة ، ج ۲ ، ص ۱۸۸ ، الخطبة ۲۰۹ .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
328

المهملة وسكون الميم : ضدّ الهذر . والمراد الاحتياط في القول على اللّه لئلّا يقول بغير علم . وفي رواية : «إنّما شيعتنا الخُرْس» ۱ أو المراد أعمّ منه ومن غيره .
الخامس : (أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِيِّ ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ رَفَعَهُ ، قَالَ : قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام : لَا يَكُونُ السَّفَهُ) : ضدّ الحلم ، (وَالْغِرَّةُ) ؛ بكسر المعجمة وتشديد المهملة : الغفلة التي توجب الهذر في الكلام وخلاف الصمت . (فِي قَلْبِ الْعَالِمِ) . يفهم معناه ممّا سبق آنفا.
السادس : (وَبِهذَا الْاءِسْنَادِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ رَفَعَهُ ، قَالَ :)(قَالَ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ عليهاالسلام : يَا مَعْشَرَ الْحَوَارِيِّينَ) ؛ بفتح المهملة جمع «حواريّ» بتشديد الياء ، وحواريّ النبيّ : خاصّته من اُمّته ، ومنه الحواريّون أصحاب المسيح عليه السلام ، أي خلصاؤه وأنصاره ، وأصله من التحوير التبييض ، قيل : إنّهم كانوا قصّارين يُحوّرون الثياب ، أي يبيّضونها ، ومنه الدقيق الحُوّاري بضمّ الحاء وشدّ الواو والقصر الذي نخل مرّة بعد مرّة ، وقيل : تأويل الحواريّين الذين اُخلصوا ونُقّوا من كلّ عيب . ۲(لِي إِلَيْكُمْ حَاجَةٌ اقْضُوهَا لِي ، قَالُوا : قُضِيَتْ حَاجَتُكَ) ؛ بصيغة المجهول للغائبة ، جملة دعائيّة . (يَا رُوحَ اللّهِ) . الروح جسمٌ هوائي به حياة البدن ، وتسمية عيسى روح اللّه باعتبار أنّ بدنه مخلوق من الروح التي نفخ جبرئيل في مريم ، أو منها ومن منيّ مريم ، بخلاف سائر الأبدان ، فإنّها مخلوقة من الطين أو من المنيّ فقط ، وإضافتها إلى اللّه باعتبار الاصطفاء ، كما يجيء في «كتاب التوحيد» في أحاديث «باب الروح» وهو الحادي والعشرون .
(فَقَامَ ، فَغَسَلَ أَقْدَامَهُمْ ، فَقَالُوا : كُنَّا نَحْنُ أَحَقَّ بِهذَا يَا رُوحَ اللّهِ ، فَقَالَ : إِنَّ أَحَقَّ النَّاسِ بِالْخِدْمَةِ الْعَالِمُ) . لمّا كان العالم يقتدي به الناس في أفعاله الحسنة وتشتهر بصدورها

1.الكافي ، ج ۲ ، ص ۱۱۳ ، باب الصمت وحفظ اللسان ، ح ۲ ؛ مختصر بصائر الدرجات ، ص ۱۰۵ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱۲ ، ص ۱۸۲ ، ح ۱۶۰۲۵ .

2.ترتيب جمهرة اللغة ، ج ۱ ، ص ۴۶۸ ؛ النهاية ، ج ۱ ، ص ۴۵۸ (حور) .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 117860
صفحه از 602
پرینت  ارسال به