موافقا لقوله : «لَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ»۱ .
(أَنّا نَأْتِى الْأَرْضَ) ۲ . لم يُرِد أرضا مخصوصة ، بل ما يشمل الجميع . (نَنْقُصُها مِنْ) ابتدائيّة ، أي النقص من جهة (أَطْرافِها» ۳ ؛ أو سببيّة ، أي النقص لأجل توفّينا أطرافها . الأطراف جمع «طِرْف» بالكسر : الكريم من كلّ شيء ـ كحِمْل وأحمال ـ أو جمع «طريف» كشريف وأشراف . قال ثعلب : الأطراف : الأشراف . ۴ انتهى .
وليس جمع طرف بفتحتين : الجانب والناحية ، أو الطائفة من الشيء .
(وَهُوَ ذَهَابُ الْعُلَمَاءِ) . الضمير للنقص ، أي هو بسبب موتهم وقتلهم .
وبيانه أنّ الآية في سورة الرعد بعد قوله : «وَ إِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِى نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَ عَلَيْنَا الْحِسابُ»۵ ، «إمّا» هي «إن» الشرطيّة زيدت عليها «ما» تأكيدا ، ولذلك دخلت النون المؤكّدة في الفعل ، ولو اُفردت «إن» لم يصحّ دخولها ، لا تقول : إن تكرمنّ زيدا يكرمك ، ولكن إمّا تكرمنّه ، وهو يدلّ على أنّه لا بأس بأن يتوفّى رسوله عليه السلام سريعا قبل إراءة شيء ممّا وعدهم ، فناسب رفع التعجّب ۶ بأنّه توفّى رسله وأنبياءه وأوصياءهم ، وقد علم اليهود أنّ الأنبياء قتلوا بغير الحقّ ، ولعلّ السخا لأنّه نسب تعالى في توفّيهم إلى نفسه إتيان الأرض على سبيل الاستمرار التجدّدي تعظيما لهم ودلالةً على أنّ الدنيا ليست لائقة بشأنهم ، وجعل نقص الأرض وخرابها من توفّيهم ۷ للتعظيم لهم .