339
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

موافقا لقوله : «لَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ»۱ .
(أَنّا نَأْتِى الْأَرْضَ) ۲ . لم يُرِد أرضا مخصوصة ، بل ما يشمل الجميع . (نَنْقُصُها مِنْ) ابتدائيّة ، أي النقص من جهة (أَطْرافِها» ۳ ؛ أو سببيّة ، أي النقص لأجل توفّينا أطرافها . الأطراف جمع «طِرْف» بالكسر : الكريم من كلّ شيء ـ كحِمْل وأحمال ـ أو جمع «طريف» كشريف وأشراف . قال ثعلب : الأطراف : الأشراف . ۴ انتهى .
وليس جمع طرف بفتحتين : الجانب والناحية ، أو الطائفة من الشيء .
(وَهُوَ ذَهَابُ الْعُلَمَاءِ) . الضمير للنقص ، أي هو بسبب موتهم وقتلهم .
وبيانه أنّ الآية في سورة الرعد بعد قوله : «وَ إِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِى نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَ عَلَيْنَا الْحِسابُ»۵ ، «إمّا» هي «إن» الشرطيّة زيدت عليها «ما» تأكيدا ، ولذلك دخلت النون المؤكّدة في الفعل ، ولو اُفردت «إن» لم يصحّ دخولها ، لا تقول : إن تكرمنّ زيدا يكرمك ، ولكن إمّا تكرمنّه ، وهو يدلّ على أنّه لا بأس بأن يتوفّى رسوله عليه السلام سريعا قبل إراءة شيء ممّا وعدهم ، فناسب رفع التعجّب ۶ بأنّه توفّى رسله وأنبياءه وأوصياءهم ، وقد علم اليهود أنّ الأنبياء قتلوا بغير الحقّ ، ولعلّ السخا لأنّه نسب تعالى في توفّيهم إلى نفسه إتيان الأرض على سبيل الاستمرار التجدّدي تعظيما لهم ودلالةً على أنّ الدنيا ليست لائقة بشأنهم ، وجعل نقص الأرض وخرابها من توفّيهم ۷ للتعظيم لهم .

1.البقرة (۲) : ۹۶ .

2.في حاشية «أ» : «فيه ردّ لما قاله البيضاوي من أنّ المراد بها أرض الكفرة ، وبقوله : «نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا» فتح بعضها على المسلمين» .

3.الرعد (۱۳) : ۴۱ .

4.نقله الجوهري عن ثعلب في الصحاح ، ج ۴ ، ص ۱۳۹۴ (طرف) .

5.الرعد (۳) : ۴۰ .

6.في «ج» : «العجب» .

7.في «أ» : «توفهم» .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
338

من العلم ۱ ، أي أنبُو عنها أجهلها ، والجفاء أيضا غِلظ الطبع ۲ ويكون بمعنى ترك الصلة والبرّ .
(فَيَضِلُّونَ) ؛ من باب ضرب ، أي عن طريق العلم في أفكارهم . والضمير للجُفاة ، والفاء للتفريع على مجموع الإمامة والجفا ؛ لأنّ الإمامة يستلزم إعداد الفتاوى ، والجفا يستلزم الخطأ في الفكر .
(وَيُضِلُّونَ) ؛ من باب الإفعال .
(وَلَا خَيْرَ فِي شَيْءٍ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ) . المراد بالشيء هنا المذهب والطريقة ، والأصل ما يستند إليه الشيء ، وهو هنا الآيات البيّنات المحكمات من القرآن التي تسمّى اُمّ الكتاب ، كما في سورة آل عمران ۳ ؛ لأنّها ممّا تستقلّ عقول الرعيّة بالعلم به قطعا ، ويجعل مبدأ المبادئ في كسب العلم .
السادس : (عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ ، عَنْ جَابِرٍ ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام ، قَالَ : كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عليهماالسلاميَقُولُ : إِنَّهُ يُسَخِّي نَفْسِي فِي سُرْعَةِ الْمَوْتِ وَالْقَتْلِ فِينَا قَوْلُ اللّهِ) .
السخاوة والسخاء بفتحهما : الجود ، يُقال : سخا يسخو أو ۴ سخي بالكسر يسخى بالفتح . وقوله : «يسخّي» بالمهملة والمعجمة بصيغة المضارع المذكّر الغائب من باب التفعيل أو الإفعال ، وفاعله «قول اللّه » ومفعوله «نفسي» . والظرف الأوّل متعلّق بقوله : «يسخّي» ، والثاني بـ «سرعة» . وقيل : «تسخى» بتخفيف الخاء بصيغة المؤنّث الغائبة ، وحينئذٍ فاعله «نفسي» و«قول اللّه » مبتدأ خبره «فينا» ، وجملة المبتدأ والخبر جملة استئنافيّة بيانيّة ، أي لأنّ فينا قول اللّه :
( «أَ وَلَمْ يَرَوْا) . الضمير لأهل الحرص في البقاء في الدنيا من أهل الكتاب كاليهود ،

1.ذكر السرخسي في شرح السير الكبير ، ج ۱ ، ص ۳۶ : أنّ هذا من كلام رجل من أهل البادية لعمر .

2.اُنظر: النهاية ، ج ۱ ، ص ۲۸۱ (جفأ) .

3.آل عمران (۳) : ۷ .

4.في «ج ، د» : «و» .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 117907
صفحه از 602
پرینت  ارسال به