السابع : (عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ سِنَانٍ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : إِنَّ اللّهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ يَقُولُ : تَذَاكُرُ الْعِلْمِ بَيْنَ عِبَادِي مِمَّا يَحْيَا 1 الْقُلُوبُ الْمَيْتَةُ إِذَا هُمُ انْتَهَوْا فِيهِ إِلى أَمْرِي) .
المراد بالعلم الآيات البيّنات المحكمات الناهية عن اتّباع الظنّ ، وعن الاختلاف عن ظنّ باعتبار أنّها صريحة مفيدة للعلم للرعيّة أيضا ، وبتذاكره ذكر بعضهم لبعض إيّاه لئلّا يُنسى ، و«من» تبعيضيّة ، وهي قسمان : ما مدخوله كلّي ، وما مدخوله كلّ .
وعلى الأوّل جملة «إذا هم انتهوا» متعلّقة بـ «ممّا يحيا» ، وذكر «ممّا» لأجل أنّ حياة قلوب الأنبياء ليست بالتذاكر وكذا الأوصياء ، أو لأجل أنّ التذاكر بدون التوفيق لا يفيد ، أو لأجل أنّ بعض الحياة يحصل قبل التذاكر بالنظر في دلائل إثبات الصانع وشواهد الربوبيّة ونحو ذلك . وعلى الثاني استئناف بياني .
والمراد لأنّها إنّما تحيا إذا هم انتهوا ، و«على» بنائيّة ، وحياة القلوب علمها بالدِّين الحقّ ، وموتها جهلها به ، والانتهاء إلى الشيء الوصول إليه في الحركة ، والمراد بأمره تعالى ما في سورة النحل وسورة الأنبياء : «فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ» 2 ، وسيجيء بيانه في عاشر باب النوادر .
والحاصل أنّ مَن يتذاكر العلم إذا لم يصل إلى أمره ـ الدالّ على وجوب إمام عالم بجميع الأحكام والمتشابهات في كلّ زمان إلى انقراض التكليف ـ يصير متحيّرا ، فربّما ارتكب التأويل والتخصيص في العلم بصمم وعمى ، كما يفهم ممّا في سورة الفرقان : «وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمّا وَعُمْيَانا» 3 ، وأمّا مَن وصل إلى أمره فيخرج من التحيّر ، ويلين قلبه إلى ذكر اللّه ، كما في سورة الزمر : «اللّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابا مُتَشَابِها مَثَانِىَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ