351
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

السابع : (عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ سِنَانٍ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : إِنَّ اللّهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ يَقُولُ : تَذَاكُرُ الْعِلْمِ بَيْنَ عِبَادِي مِمَّا يَحْيَا 1 الْقُلُوبُ الْمَيْتَةُ إِذَا هُمُ انْتَهَوْا فِيهِ إِلى أَمْرِي) .
المراد بالعلم الآيات البيّنات المحكمات الناهية عن اتّباع الظنّ ، وعن الاختلاف عن ظنّ باعتبار أنّها صريحة مفيدة للعلم للرعيّة أيضا ، وبتذاكره ذكر بعضهم لبعض إيّاه لئلّا يُنسى ، و«من» تبعيضيّة ، وهي قسمان : ما مدخوله كلّي ، وما مدخوله كلّ .
وعلى الأوّل جملة «إذا هم انتهوا» متعلّقة بـ «ممّا يحيا» ، وذكر «ممّا» لأجل أنّ حياة قلوب الأنبياء ليست بالتذاكر وكذا الأوصياء ، أو لأجل أنّ التذاكر بدون التوفيق لا يفيد ، أو لأجل أنّ بعض الحياة يحصل قبل التذاكر بالنظر في دلائل إثبات الصانع وشواهد الربوبيّة ونحو ذلك . وعلى الثاني استئناف بياني .
والمراد لأنّها إنّما تحيا إذا هم انتهوا ، و«على» بنائيّة ، وحياة القلوب علمها بالدِّين الحقّ ، وموتها جهلها به ، والانتهاء إلى الشيء الوصول إليه في الحركة ، والمراد بأمره تعالى ما في سورة النحل وسورة الأنبياء : «فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ» 2 ، وسيجيء بيانه في عاشر باب النوادر .
والحاصل أنّ مَن يتذاكر العلم إذا لم يصل إلى أمره ـ الدالّ على وجوب إمام عالم بجميع الأحكام والمتشابهات في كلّ زمان إلى انقراض التكليف ـ يصير متحيّرا ، فربّما ارتكب التأويل والتخصيص في العلم بصمم وعمى ، كما يفهم ممّا في سورة الفرقان : «وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمّا وَعُمْيَانا» 3 ، وأمّا مَن وصل إلى أمره فيخرج من التحيّر ، ويلين قلبه إلى ذكر اللّه ، كما في سورة الزمر : «اللّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابا مُتَشَابِها مَثَانِىَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ

1.في الكافي المطبوع : «تحيا» .

2.النحل (۱۶) : ۴۳ ، الأنبياء (۲۱) : ۷ .

3.الفرقان (۲۵) : ۷۳ .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
350

ولا يجوز عنده يتعاهد ؛ لأنّه لا يكون عند أصحابه إلّا من اثنين ولا يكون متعدّيا ويردّه قوله : تجاوزت أحراسا إليها ومعشرا . ۱
وأجاز الخليل يتعاهد وهو قليل . وسأل الحكم بن قنبر ۲ أبا زيد عنها فمنعها ، وسأل يونس فأجازها فجمع بينهما ، وكان عند ستّة من فصحاء العرب فسئلوا وامتنعوا من يتعاهد ، فقال يونس : يا أبا زيد كم من علم استفدناه كنت سببه . ۳ انتهى .
ويردّه أيضا الحديث .
وقال الجوهري : «تعهّدت فلانا وتعهّدت ضيعتي أفصح من قولك : تعاهدته ؛ لأنّ التعاهد إنّما يكون بين اثنين» ۴ انتهى .
وفيه : أنّه منقوض بقوله تبارك اللّه وتعالى اللّه : «لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ»۵ ، والحلّ أنّ الفعل الصادر عن واحد فقط قد يبرز في صيغة الصادر عن اثنين على سبيل التغالب ؛ للإشعار بوقوعه متأكّدا متكثّرا ، لأنّ الغالب فيما بين اثنين ذلك ، سواء كان منسوبا إليهما صريحا كما في التفاعل ، أو لا كما في المفاعلة .
(وَيَسْأَلَ عَنْ دِينِهِ) بالسؤال الصريح في مجلس العلماء ، أو بحضور مجلس الوعظ أو نحو ذلك .
السادس : (وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرى :) أي بالسند السابق ، والتفاوت مبنيّ على أنّ من ذكره كان متعدّدا . (لِكُلِّ مُسْلِمٍ) أي بدل قوله : «لرجل» .

1.هذا صدر بيت من معلقة امرئ القيس وهو : تجاوزت أحراسا إليها ومعشراعليّ حراصا لو يسرون مقتلي الصحاح ، ج ۲ ، ص ۶۸۳ (سرر) ؛ جوامع الجامع ، ج ۳ ، ص ۱۰۳ ؛ مجمع البيان ، ج ۸ ، ص ۲۱۹ .

2.هو الحكم بن محمد بن قنبر المازني البصري ، من شعراء الدولة الهاشمية ، قدم بغداد ، وكان يهاجي مسلم بن الوليد مدة ثم غلبه مسلم . الوافي بالوفيات ، ج ۱۳ ، ص ۷۸ .

3.حكاه عنهم ابن هشام في مغني اللبيب ، ج ۲ ، ص ۵۲۲ ؛ والزبيدى في تاج العروس ، ج ۵ ، ص ۱۴۶ (عهد) .

4.الصحاح ، ج ۲ ، ص ۵۱۶ (عهد) .

5.القلم (۶۸) : ۴۹ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 116895
صفحه از 602
پرینت  ارسال به