361
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

والاجتهاد في المسائل الخلافيّة ، فإنّه يتضمّن الإخبار عن الحكم الواقعي ، وغاية مجهودهم تحصيل الظنّ به . وتفصيله في محلّه في حواشينا على عدّة الاُصول ۱ .
ومن أصحابنا ۲ من لا يسلم لهم الظنّ أيضا . قال : «ما يجد المجتهدون أنفسهم عليه اعتقادٌ مبتدأ لا ظنٌّ عن أمارة». ۳ انتهى .
الثاني : (عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ الْحَجَّاجِ) ؛ بفتح المهملة وشدّ ۴ الجيم .
(قَالَ : قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه السلام : إِيَّاكَ وَخَصْلَتَيْنِ ؛ فَفِيهِمَا) . «في» للسببيّة (هَلَكَ مَنْ هَلَكَ : إِيَّاكَ أَنْ) أي من أن (تُفْتِيَ النَّاسَ بِرَأْيِكَ) . الباء للسببيّة ، أي بظنّك واجتهادك . وفيه دلالة على بطلان ما يشاغب به أهل القياس والاجتهاد يقولون : إنّا لا نخبر إلّا عن الحكم الواصلي ، وظنّيّة الطريق لا ينافي قطعيّة الحكم ؛ وذلك لأنّ مناط الفتوى حينئذٍ الظنّ بالحكم الواقعي ، وقد أبطلنا مشاغبتهم في حواشي العدّة . ۵(أَوْ تَدِينَ) أي أو أن تعمل للّه (بِمَا لَا تَعْلَمُ) . الباء للإلصاق ، أي بما لا تعلم حكمه الواقعي ولا الواصلي ، فلا ينافي جواز العمل بنحو خبر الواحد ، كما مرّ في أوّل الباب .
الثالث : (مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ) بكسر المهملة والهمزة والموحّدة .
(عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ الْحَذَّاءِ ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام ، قَالَ : مَنْ أَفْتَى النَّاسَ) أي من نصب نفسه

1.عدّة الاُصول ، ج ۱ ، ص ۱۲ ، ذيل الطبعة القديمة .

2.في حاشية النسخ : «هو السيّد المرتضى رحمه الله ، ذكره في الذريعة ووافقه الشيخ الطوسى رحمه الله في تلخيص الشافى . (منه سلّمه اللّه )» .

3.الذريعة للسيّد المرتضى ، ج ۲ ، ص ۶۸۹ ؛ الشافي ، ج ۱ ، ص ۱۷۱ ؛ عدّة الاُصول ، ج ۲ ، ص ۶۶۱ ، وفي طبعة اُخرى ، ج ۳ ، ص ۸۸ .

4.في «ج ، د» : «تشديد» .

5.عدة الاُصول ، ج ۱ ، ص ۲۱ .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
360

عند إمام الهدى لفظا ومعنىً ، وإمّا لأنّ ما يبقى منه في أيدي الناس كاف في ظهور بطلان إمام الضلالة ، وفي الدلالة على إمام الهدى الحافظ لجميعه ، أو لا يصل إليه إمام الضلالة بمعنى أنّه لا يجوز الاعتماد عليه في تفسيره ، أو المراد لا يصل إليه الظنّ بمعنى أنّه لا يجوز تفسيره بالرأي ، فهو استئناف بياني لتوضيح كونه عزيزا غير ذليل .
الثالث : أن تكون الباء للصلة ، كقولك : دنت زيدا بدرهم ، والمراد بالباطل ما يكون كاللعب والهزء ، يقال : في كلامه بطالة ، أي هزل ، وذلك كمكر أهل الرِّبا ومانعي الزكاة لحفظ صورة التجارة والبيع فقط ، قال تعالى في سورة يونس : «وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِى آيَاتِنَا قُلْ اللّهُ أَسْرَعُ مَكْرا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ»۱ عبّر عن إرسال الحفظة لأعمالهم أو عن خذلانهم بإعطائهم المال المفضي إلى مكرهم بالمكر ، وقال تعالى في سورة الجمعة : «وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوا»۲ الآية ، وقال تعالى في سورة البقرة في النهي عن نظير ذلك : «وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللّهِ هُزُوا»۳ .
ولا ينافي ذلك جواز العينة بشروط سيجيء في «باب العينة» من «كتاب المعيشة» . فالمراد النهي عن أن يكون المُدان به في صورة العبادة فقط وخاليا عن حقيقتها ، وذلك بأن يكون متلقّى عن إمام الضلالة أو مظنونا أو نحو ذلك .
الرابع : أن تكون الباء للصلة ، والمراد بالباطل ما لا يطابق الواقع من التصديق والتكذيب ونحوهما .
(وَتُفْتِيَ النَّاسَ بِمَا لَا تَعْلَمُ) أي وعن أن تفتي . ويحتمل أن تكون ۴ الواو بمعنى «أو» ، يُقال : أفتاه في الأمر : إذا أبانه له . والباء للصلة ، أي وأن تخبرهم عن اللّه بغير معلوم ، سواء كان مظنونا أم لا ، وسواء كان معلوم الانطباق على ظاهر القرآن ونحوه ، أم لا ، فجواز الفتوى أضيق من جواز العمل ، ومن جملة الإفتاء بما لا يعلم إفتاء أهل القياس

1.يونس (۱۰) : ۲۱ .

2.الجمعة (۶۲) : ۱۱ .

3.البقرة (۲) : ۲۳۱ .

4.في «د» : «أن يكون» .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 120091
صفحه از 602
پرینت  ارسال به