363
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

وقد حذف الأخيران جميعا في أوّل سورة الحجّ : «وَمِن النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِى اللّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ»۱ ، فيجعل العلم فيه أعمّ من الشقوق الثلاثة ، فمآل الجميع واحد .
ويحتمل أن يُراد بالعلم هنا المعنى الأعمّ من الثلاثة ، وبالهدى ما يدلّ على جواز الفتوى بغير علم بالمعنى الأعمّ .
(لَعَنَتْهُ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ ، وَلَحِقَهُ وِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِفُتْيَاهُ) . الفتيا بالضمّ والفتوى بالضمّ والفتح : ما أفتى به الفقيه ، ولحوق وزره بدون أن ينقص من وزر العامل شيء ، كما مرّ في رابع باب ثواب العالم .
الرابع : (عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَشَّاءِ ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمانٍ۲الْأَحْمَرِ ، عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي رَجَاءٍ) ؛ بفتح المهملة والجيم والمدّ .
(عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام ، قَالَ : مَا عَلِمْتُمْ فَقُولُوا ، وَمَا لَمْ تَعْلَمُوا فَقُولُوا : اللّهُ أَعْلَمُ) أي قولوا في أنفسكم ذلك ولا تفتوا بغير المعلوم . أو المراد : قولوا في جواب السؤال عنه .
وإنّما يجوز ذلك إذا كان المسؤول عالما بكثير من المسائل و معدودا من العلماء مع جهله بخصوصيّة المسؤول عنه ، كما سيجيء في خامس الباب .
(إِنَّ الرَّجُلَ) . اللام للعهد الذهني . (لَيَنْتَزِ عُ الْايَةَ مِنَ الْقُرْآنِ) . الانتزاع : الاقتلاع ، والمقصود هنا إفرازها وتخصيصها ببيان مراد اللّه فيها ، وليس المقصود أنّ كلّ رجل كذلك ، أو كلّ انتزاع مع الخرور إنّما هو في نحو استدلالات أهل القياس والاجتهاد وأهل الأديان المختلفة بالآيات المتشابهة .
(يَخِرُّ) ؛ بفتح ياء المضارعة وكسر المعجمة وشدّ ۳ المهملة، أي يسقط ۴ ، وذلك إذا

1.في «ج ، د» : «تشديد» .

2.الحجّ (۲۲) : ۳ .

3.في الكافي المطبوع : - «بن عثمان» .

4.النهاية ، ج ۲ ، ص ۲۱ (خرر) .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
362

لبيان المختلف فيه اختلافا حقيقيّا مستقرّا ، سواء كان اللّه تعالى كما في قوله تعالى : «اللّهُ يُفْتِيكُمْ»۱ أم غيره .
(بِغَيْرِ عِلْمٍ) هو ما عند اللّه ؛ إذ لا حاجة له إلى هاد .
(وَلَا هُدًى) هو ما عند الأنبياء «أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمْ اقْتَدِهِ»۲ ، وفي حكمهم الأوصياء كما يجيء في «كتاب القضايا والأحكام» في الأوّل والثاني من «باب أنّ الحكومة إنّما هي للإمام» ، وهو الباب الأوّل من قول أبي عبداللّه عليه السلام : «اتّقوا الحكومة [فإنّ الحكومة] ۳ إنّما هي للإمام العالم بالقضاء العادل في المسلمين لنبيٍّ أو وصيّ نبيّ» . ومن قول أمير المؤمنين عليه السلام لشريح : «يا شريح قد جلست مجلسا لا يجلسه إلّا نبيّ أو وصيّ [نبيّ] ۴ أو شقيّ» .
وهذا مطابق لما في سورة الحجّ وسورة لقمان : «وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِى اللّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدىً وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ»۵ ، وإن لم يذكر الشقّ الثالث هنا لوضوحه ؛ لأنّ المراد بكتاب ما يدلّ على جواز الإفتاء بغير علم ولا هدى ، فهو فرض محال ، كما في قوله تعالى في سورة ن : «أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ»۶ .
ويحتمل أن يُراد بالعلم هنا العلم من جهة العقل ، أي بما يستقلّ العقل بالعلم به ، إمّا حقيقة وهو ظاهر ، وإمّا حكما بأن يكون مذكورا في المحكمات وبالهدى العلم من جهة أهل الذِّكر ، أي بما لا يستقلّ العقل بالعلم به أصلاً ، فاكتفى هنا بشقّين ، كما في قوله تعالى : «فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ»۷ ، فإنّ العقل إذا استقلّ بالعلم بشيء حقيقةً أو حكما ، لم يجب سؤال أهل الذِّكر عنه وإن لم يعلم بعدُ .

1.النساء (۴) : ۱۷۶ ؛ وفي «أ، د» : «يفتيكم اللّه » .

2.الأنعام (۶) : ۹۰ .

3.ما بين المعقوفين من المصدر .

4.الحجّ (۲۲) : ۸ ؛ لقمان (۳۱) : ۲۰ .

5.القلم (۶۸) : ۳۷ .

6.النحل (۱۶) : ۴۳ ؛ الأنبياء (۲۱) : ۷ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 120009
صفحه از 602
پرینت  ارسال به