365
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

الخامس : (مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسى ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ عَبْدِ اللّهِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : لِلْعَالِمِ) أي الذي يعلم قدرا معتدّا به من المسائل ، ويكون معدودا من العلماء ، أو الذي يعلم بعض المسؤول عنه .
(إِذَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ وَهُوَ لَا يَعْلَمُهُ أَنْ يَقُولَ : اللّهُ أَعْلَمُ) أي يجوز له ذلك ، وإن كان الأولى أن يقول : لا أدري ، كما سيجيء في سادس الباب .
(وَلَيْسَ لِغَيْرِ الْعَالِمِ أَنْ يَقُولَ ذلِكَ) ؛ لأنّه كذب ؛ لأنّ ظاهره أنّ أصل العلم مشترك بينه وبين اللّه ، وليس العلم بالمسؤول عنه مشتركا بينهما ؛ لأنّ المفروض جهل المسؤول به .
واستقرّ العرف العامّ على أنّ العالم المطلق ـ أي الغير المقيّد بمعلوم خاصّ ـ لا يطلق إلّا على من علم قدرا معتدّا به من المسائل .
السادس : (عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسى ، عَنْ حَرِيزِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : إِذَا سُئِلَ الرَّجُلُ مِنْكُمْ عَمَّا لَا يَعْلَمُ ، فَلْيَقُلْ : لَا أَدْرِي ، وَلَا يَقُلْ : اللّهُ أَعْلَمُ ؛ فَيُوقِعَ) ؛ منصوب بتقدير «أن» بعد النهي ، والنهي للتأديب لا للتحريم .
(فِي قَلْبِ صَاحِبِهِ) أي صاحب الرجل وهو السائل ، أو صاحب السؤال (شَكّا) ؛ فإنّ اللفظ يحتمل الاشتراك في أصل العلم بالمسؤول عنه ، فربّما توهّم السائل أنّه عالم بالمسؤول عنه ولا يجيب .
فهذا الجواب ـ وإن صدر عن العالم ـ خلاف الآداب من وجهين :
الأوّل : أنّه في معرض أن يلقي في ذهن السائل باطلاً ، وهو علم المسؤول بالمسؤول عنه .
الثاني : أنّه في معرض أن يتّهمه السائل وينسبه إلى قبيح ، وهو أنّه لا يجيب مع علمه بالجواب ، وهو قبيح في الجملة ، والشكّ يشمل الوجهين .
(وَإِذَا قَالَ الْمَسْؤُولُ : لَا أَدْرِي ، فَلَا يَتَّهِمْهُ السَّائِلُ) . «لا يتّهمه» مجزوم ، و«لا» للنهي بقرينة الفاء ، فتكون الجملة إنشاءً ونهيا للسائل عن الاتّهام ، فإنّه لا يجوز ظنّ السوء بالمؤمن


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
364

لم يعلم المراد بها وإنّما يظنّ ظنّا ، والجملة صفة الآية ؛ لأنّ اللام فيها للعهد الذهني كقوله : «ولقد أمرّ على اللئيم يسبّني» ۱ .
أو معطوفة على «ينتزع» بتقدير العاطف ، وهو الواو ، وقد عدّ النحاة فيما تنفرد الواو عن سائر حروف العطف جواز حذفها إن أمن اللبس ، كقوله : «كيف أصبحت كيف أمسيت» ۲ ؛ ذكره الأزهري في التصريح ۳ ، أو حال عن الآية ، أو عن الضمير في «ينتزع» .
(فِيهَا أَبْعَدَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) . يحتمل أن تكون «في» بمعنى الباء ، كقوله : «عُذِّبت امرأة في هرّة» ۴ فالمراد الخرور في جهنّم ، فإنّه أكثر ضررا من الخرور ما بين السماء والأرض .
ويحتمل أن تكون «في» على الحقيقة ، فالمراد بالخرور الضلال في معنى الآية عن الحقّ ، والانحطاط عن مرتبة السعداء وأهل الحقّ إلى مرتبة الأشقياء وأهل الباطل . وهو أيضا أكثر ضررا من الخرور ما بين السماء والأرض ، وقوله : «أبعد» منصوب على الظرفيّة ، أي مسافة أبعد .

1.هذا صدر بيت و عجزه : «فمضيت ثمت قلت : لا يعنيني» ذكره الجوهري في الصحاح ، ج ۵ ، ص ۱۸۸۲ (وثم) ؛ وحكاه أيضا الطوسي في التبيان ، ج ۱ ، ص ۳۵۱ ؛ والطبرسي في جوامع الجامع ، ج ۱ ، ص ۵۸ ؛ ومجمع البيان ، ج ۱ ، ص ۳۲۲ .

2.هذا صدر بيت لأبي زيد الأنصاري كما حكاه السمعاني في تفسيره ، ج ۶ ، ص ۲۴۰ ؛ والبيت : كيف أصبحت كيف أمسيت ممايغرس الود في فؤاد اللبيب وممن جوّز حذف الواو إن أمن اللبس ابن هشام في مغني اللبيب ، ج ۲ ، ص ۶۳۵ ؛ والسمعاني في تفسيره، ج ۶ ، ص ۲۴۰ ؛ والبغدادي في خزانة الأدب ، ج ۱۱ ، ص ۲۶ . وقال : هو مذهب الفارسي ومن تبعه . وانظر: شرح العينية الحميرية للفاضل الهندي ، ص ۳۴۱ ؛ والبرهان للزركشي ، ج ۳ ، ص ۲۱۲ .

3.الأزهري هو زين الدين خالد بن عبداللّه الأزهري نحوي أديب المتوفى سنة ۹۰۵ ، وقد كتب كتابه المشهور بالتصريح وله اسم آخر : شرح التصريح على التوضيح والمراد بالتوضيح كتاب ابن هشام المسمّى بـ أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك . والكتاب مطبوع في دار إحياء الكتب العربية في مصر ، وطبع بالأفست في مكتبة ناصر خسرو في طهران . اُنظر: كشف الظنون ، ج ۱ ، ص ۱۵۴ ؛ وذيل كشف الظنون ، ص ۳۱ .

4.ورد مضمونه في ثواب الأعمال ، ص ۲۷۸ . وفي طبعة اُخرى ، ص ۳۲۷ ، ح ۶ ؛ وعنه في وسائل الشيعة ، ج ۱۱ ، ص ۵۴۴ ، ح ۱۵۴۹۳ ؛ وج ۲۹ ، ص ۱۴ ، ح ۳۵۰۳۳ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 119950
صفحه از 602
پرینت  ارسال به