373
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

المعرفة لحكم إلّا ويتحقّق معها ۱ العمل بمقتضاها .
(فَمَنْ عَرَفَ دَلَّتْهُ الْمَعْرِفَةُ عَلَى الْعَمَلِ ، وَمَنْ لَمْ يَعْمَلْ فَلَا مَعْرِفَةَ لَهُ) ؛ بل له ضدّ المعرفة ، وهو الإنكار .
(أَلَا) ؛ حرف تنبيه . (إِنَّ الْاءِيمَانَ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ) أي بعضه وهو العمل ناش من بعض وهو المعرفة . يدلّ على أنّ العلم بلا قصد العمل ليس من الصالحات كالعمل بلا علم .
إن قلت : كلّ مؤمن عارف ، وقد نرى المؤمن يرتكب بعض المناهي ، وقد يترك بعض الفرائض .
قلت : هذا غير عارف من وجه ، وعارف من وجه ؛ فإنّه ليس عارفا بالحكم الذي خالف فيه ، وعارف في الجملة باللّه ورسوله وأئمّته ، فإنّ معرفته بذلك إنّما تستلزم إطاعته في الجملة بحيث تسوؤه السيّئة وتسرّه الحسنة . نعم ، لو لم يخالف أصلاً كانت معرفته بذلك أشدّ .
والمراد بالبعض: إمّا الجزء ، فيدلّ على أنّ الإيمان قد يُطلق على المركّب من الأمر القلبي وعمل ۲ الجوارح . وإمّا الجزئي ، فيدلّ على أنّ الإيمان قد يُطلق على القدر المشترك بين الأمر القلبي وأعمال الجوارح . ۳
الثالث : (عَنْهُ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ ، عَمَّنْ رَوَاهُ ) ؛ من باب التفعيل ۴ أو باب ضرب .
(عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : مَنْ عَمِلَ عَلى غَيْرِ عِلْمٍ) أي بغير علم بالحكم الواصلي ، وذلك بأن لا يلتزم أخذ الحكم الواقعي الذي ليس في المحكمات

1.في «ج» : «معه» .

2.في «ج» : «وأعمال» .

3.في «ج» : - «وإما الجزئي فيدل ...» إلى هنا .

4.في «أ» : «الفعيل» .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
372

والواصلي على قسمين :
الأوّل : كون فعل العبد الاختياري بحيث إذا تركه لا سهوا استحقّ عليه العقاب ؛ لوصوله إلى العلم بما يقتضي ذلك ، ولنسمّه وجوبا شرعيّا واصليّا بالفعل .
الثاني : ما ليس كذلك ولا يختصّ باسم ، وقس على ذلك الوجوب العقلي وغير الوجوب من أقسام الأحكام الشرعيّة والعقليّة ، والمقصود هنا العمل بغير علم بالحكم الشرعي الواصلي لئلّا ينافي جواز العمل بظاهر القرآن أو بخبر الواحد على شروط خاصّة مقرّرة في محلّها ، فإنّه جائز بدون إفتاء وقضاء . وتفصيله في محلّه .
الأوّل : (عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَيْدٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللّهِ عليه السلام يَقُولُ : الْعَامِلُ عَلى غَيْرِ بَصِيرَةٍ) ؛ على بنائيّة ، أي بغير علم بالحكم الشرعي الواصلي .
(كَالسَّائِرِ عَلى غَيْرِ الطَّرِيقِ ، لَا يَزِيدُهُ سُرْعَةُ۱السَّيْرِ إِلَا بُعْدا) أي عن الطريق أو عمّا يريد الوصول إليه .
الثاني : (مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ ، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ) ؛ بضمّ الميم وسكون المهملة ، (عَنْ حسين۲الصَّيْقَلِ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللّهِ عليه السلام يَقُولُ : لَا يَقْبَلُ اللّهُ عَمَلاً إِلَا بِمَعْرِفَةٍ) .
المراد بالمعرفة هنا العلم بقصد الإطاعة قصدا متأكّدا ، وعلامته أن يفضي إلى الإطاعة ، أي إلى العمل بمقتضاه ، ولهذا يُقال : فلان عالم بلا عمل ؛ ولا يُقال : عارف بلا عمل ، والمراد إلّا بمعرفة بحكم ذلك العمل ، وذلك بمعرفة باللّه وبرسوله وبمَن يصلح لأن يُؤخذ منه الأحكام بعد رسوله وبطريقة الأخذ ثمّ أخذ حكم ذلك العمل .
(وَلَا مَعْرِفَةَ إِلَا بِعَمَلٍ) ؛ لا لنفي الجنس . و«معرفة» مبنيّ على الفتح ، أي لا تتحقّق

1.في حاشية النسخ : «كثرة . خ» .

2.في الكافي المطبوع : «الحسن» .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 95780
صفحه از 602
پرینت  ارسال به