حتّى أنّه قد يكون العالم التارك للعمل كافرا ناصبا ، كما في اُصول الديانات ، بخلاف الجاهل ، فإنّه مستضعف ؛ وأيضا ترك العالم مظنّة الاستخفاف بالدِّين ، وهو كفر ، بخلاف ترك الجاهل .
ويتحصّل منه أنّ طلب العلم إذا صدر عن الذي لم يعمل في وقت الحاجة بما علم قَبْلُ ويظنّ بنفسه عدم العمل به أيضا كان قبيحا .
ويمكن أن يكون الكلام محمولاً على المجاز والمبالغة في وجوب العمل بالعلم ؛ واللّه العالم بحقائق الاُمور .
الخامس : (مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : قُلْتُ لَهُ : بِمَ يُعْرَفُ) ؛ بصيغة المجهول من باب ضرب أو من باب التفعيل .
(النَّاجِي؟) أي من ينجو من عذاب النار يوم القيامة ولا يخلد فيها ، أو من لا يعذّب بها أصلاً . والمقصود بالسؤال الناجي من جملة من ينتسب إلى الشيعة الإماميّة ، أو من جملة اُمّة نبيّنا ، أي الذين يقولون ويشهدون أن لا إله إلّا اللّه ، وأنّ محمّدا رسول اللّه ، فإنّهم تفرّقوا على ثلاث وسبعين فرقة ، إحداها ناجية ، والباقية هالكة ، كما في «كتاب الروضة» بعد حديث يأجوج ومأجوج ؛ ۱ أو من جملة أهل الكتاب ، ويجيء في «كتاب الإيمان والكفر» في «باب في علامة المعار» هكذا عن المفضّل الجعفي قال : قال أبو عبداللّه عليه السلام : «إنّ الحسرة والندامة والويل كلّه لمن لم ينتفع بما أبصره ، ولم يدر ما الأمر الذي هو عليه مقيم ، أنفع له أم ضرّ» . قلت : فبِمَ يُعرف الناجي من هؤلاء جُعلت فداك؟
قال : ... إلى آخره . ۲
المراد «بما أبصره» : ما رآه وعلمه في محكمات القرآن من الآيات البيّنات الناهية عن اتّباع الظنّ وعن الاختلاف بالظنّ ، والمراد بالأمر الذي هو عليه مقيم : اتّباع الظنّ