أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام فِي كَلَامٍ لَهُ خَطَبَ بِهِ عَلَى الْمِنْبَرِ : أَيُّهَا النَّاسُ ، إِذَا عَلِمْتُمْ فَاعْمَلُوا بِمَا عَلِمْتُمْ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) أي تخرجون من الحيرة وتبصرون بعلمكم معلومكم ؛ شبّه العلم بالسراج إن استُعمل اهتدي به ، وإلّا فلا .
(إِنَّ الْعَالِمَ) . استئنافٌ لبيان أنّه لا اهتداء بالعلم إلّا إذا عمل به .
(الْعَامِلَ بِغَيْرِهِ) أي بغير العلم وهو الهوى وطول الأمل .
(كَالْجَاهِلِ الْحَائِرِ) في عدم الاهتداء .
(الَّذِي لَا يَسْتَفِيقُ عَنْ جَهْلِهِ) . الاستفاقة استفعال من أفاق : إذا رجع إلى ما كان قد شغل عنه وعاد إلى نفسه ، ومنه استفاقة المريض والمجنون والمغشيّ عليه والنائم ، يُقال : استفاق من مرضه ومن سكره ، وتعديته بـ «عن» هنا لتضمين معنى الانفصال .
(بَلْ قَدْ رَأَيْتُ) 1 أي في كتاب اللّه تعالى . وفيه إشارة إلى أنّ هذا الاستنباط لا يتأتّى من الرعيّة 2 .
(أَنَّ الْحُجَّةَ) أي احتجاج اللّه ولومه (عَلَيْهِ) أي على هذا العالم . والظرف متعلّق بالحجّة (أَعْظَمُ) .
إن قلت : إذا كانت الحجّة على هذا العالم أعظم منها على الجاهل ، فما وجه تشبيهه بالجاهل ، مع أنّ المشبّه به يكون أقوى في وجه الشبه؟
قلت : الجاهل أقوى في عدم الانتفاع بعلم وأضعف من حيث ضرر عدم الانتفاع وهو الحجّة ، والتشبيه مبنيّ على الأوّل ، والترقّي مبنيّ على تقدير الثاني في الكلام ، فكأنّه قال : فكلاهما محجوج ، بل إلى آخره .