381
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام فِي كَلَامٍ لَهُ خَطَبَ بِهِ عَلَى الْمِنْبَرِ : أَيُّهَا النَّاسُ ، إِذَا عَلِمْتُمْ فَاعْمَلُوا بِمَا عَلِمْتُمْ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) أي تخرجون من الحيرة وتبصرون بعلمكم معلومكم ؛ شبّه العلم بالسراج إن استُعمل اهتدي به ، وإلّا فلا .
(إِنَّ الْعَالِمَ) . استئنافٌ لبيان أنّه لا اهتداء بالعلم إلّا إذا عمل به .
(الْعَامِلَ بِغَيْرِهِ) أي بغير العلم وهو الهوى وطول الأمل .
(كَالْجَاهِلِ الْحَائِرِ) في عدم الاهتداء .
(الَّذِي لَا يَسْتَفِيقُ عَنْ جَهْلِهِ) . الاستفاقة استفعال من أفاق : إذا رجع إلى ما كان قد شغل عنه وعاد إلى نفسه ، ومنه استفاقة المريض والمجنون والمغشيّ عليه والنائم ، يُقال : استفاق من مرضه ومن سكره ، وتعديته بـ «عن» هنا لتضمين معنى الانفصال .
(بَلْ قَدْ رَأَيْتُ) 1 أي في كتاب اللّه تعالى . وفيه إشارة إلى أنّ هذا الاستنباط لا يتأتّى من الرعيّة 2 .
(أَنَّ الْحُجَّةَ) أي احتجاج اللّه ولومه (عَلَيْهِ) أي على هذا العالم . والظرف متعلّق بالحجّة (أَعْظَمُ) .
إن قلت : إذا كانت الحجّة على هذا العالم أعظم منها على الجاهل ، فما وجه تشبيهه بالجاهل ، مع أنّ المشبّه به يكون أقوى في وجه الشبه؟
قلت : الجاهل أقوى في عدم الانتفاع بعلم وأضعف من حيث ضرر عدم الانتفاع وهو الحجّة ، والتشبيه مبنيّ على الأوّل ، والترقّي مبنيّ على تقدير الثاني في الكلام ، فكأنّه قال : فكلاهما محجوج ، بل إلى آخره .

1.في حاشية «أ» : «أي قد علمت علما قريبا من المعاينة أنّ الحجّة على هذا العالم أعظم من الحجّة على هذا الجاهل ، والظرف متعلق بالحجة ، والمتعلّق بأعظم محذوف اعتمادا على المذكور فيما يتلو هذه القرينة ، أو المذكور متعلّق بكلّ منهما ، وقوله : والحسرة أدوم على هذا العالم المنسلخ من علمه ، أي المشرف على الانسلاخ ، وقوله : على هذا العالم متعلقٌ بقوله : بأدوم ، والجملة معطوفة على قوله : بل رأيت ، أو على مدخول أن (ميرزا رفيعا)» .

2.في «د» : «للرعية» .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
380

والاختلاف بالظنّ ، و«هؤلاء» إشارة إلى المنتسبين إلى الإسلام .
(قَالَ : مَنْ كَانَ فِعْلُهُ) أي الأمر الذي هو عليه مقيم (لِقَوْلِهِ) أي لما اعترف بحقّيّته 1 من الآيات البيّنات المحكمات القرآنيّة (مُوَافِقا) بأن لا يخالفه أصلاً ، (فإنّما 2 لَهُ الشَّهَادَةُ) ؛ بفتح المعجمة ، من باب علم وحسن : الخبر القاطع ، ويجيء في «كتاب الإيمان والكفر» في «باب في علامة المعار» بدل هذا «فأتت له الشهادة بالنجاة» ، وفي نسخة «فأثبت» بدل «فأتت» .
وعلى كلّ تقدير المراد أنّه يجوز شهادتنا له بالنجاة ، دون من لم يكن فعله لقوله موافقا . وذلك لعلمنا بأنّه من المتّقين ، كما في آية سورة الزمر : «وَالَّذِى جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُتَّقُونَ» 3 بناءً على كون المراد بالمجيء بالصدق الاعتراف بالآيات البيّنات المحكمات الناهية عن اتّباع الظنّ والاختلاف عن ظنّ ، وكون المراد بالتصديق به العمل بما تدلّ عليه صريحا ، وهو إمامة الإمام العالم بكلّ مسألة من مسائل الدِّين بدون اتّباع ظنّ إلى انقراض التكليف .
ففي هذا الحديث تفسير لآية سورة الزمر بوجه لم يبلغه أذهان سائر المفسِّرين ، ويعلم به أنّ المتّقين هم الأخباريّون من الشيعة الإماميّة ؛ والحمد للّه .
(وَمَنْ لَمْ يَكُنْ فِعْلُهُ لِقَوْلِهِ مُوَافِقا ، فَإِنَّمَا ذلِكَ) ؛ الإشارة إلى «من» . (مُسْتَوْدَعٌ) ؛ بفتح الدال اسم مكان أو اسم مفعول ؛ أي موضع استيداع الإيمان لا استقراره ؛ أو من استُودع الإيمان 4 ، والمراد أنّه في خطر عظيم وإن عدَّ نفسه من الشيعة الإماميّة .
السادس : (عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ أَبِيهِ رَفَعَهُ ، قَالَ : قَالَ

1.في «ج» : «بحقيقته» وفي «د» : «بحجية» .

2.في الكافي المطبوع : «فأثْبِتْ» بدل : «فإنما» .

3.الزمر (۳۹) : ۳۳ .

4.في «ج» : + «ولا ينافي هذا ما مضى في شرح خطبة الكتاب عند قوله : وفيهم جرى قوله تعالى : «فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ» لأنّ الاستيداع يتعدّى إلى مفعولين ، نحو : استودعك اللّه ، فكلّ منهما ، مستودع بفتح الدال» .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 117176
صفحه از 602
پرینت  ارسال به