383
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

(لَا تَرْتَابُوا فَتَشُكُّوا) . استئنافٌ لسدّ طرق عذر العالم العامل بغيره . الارتياب : تتبّع ما هو مظنّة الريب أي الشكّ في المعلوم ممّن ليس قويّا على دفع الشكوك والمعارضات الوهميّة كتتبّع مذاهب صنفين ۱ من الزنادقة الفلاسفة الدهريّة، القائلين بأنّه لا ربّ ولا جنّة ولا نار ، لتوهّمهم امتناع تخلّف المعلول عن العلّة التامّة .
ويجيء تفصيله في شرح أوّل أوّل «كتاب التوحيد» ۲ ، وفي «كتاب الإيمان والكفر» في شرح حديث «باب وجوه الكفر» وهو السادس والستّون والمائة ۳ .
ويناسبه ما يجيء في «كتاب التوحيد» في خامس «باب النهي عن الكلام في الكيفيّة» من قوله : «إيّاك والخصومات ، فإنّها تورث الشكّ» .
وما في آيتين من سورة المؤمن :
الأُولى : «وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِى شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولاً كَذَلِكَ يُضِلُّ اللّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ»۴ .
الثانية : «الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِى آيَاتِ اللّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتا عِنْدَ اللّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ»۵ .
من المحتمل أنّ المراد بالبيّنات البراهين العقليّة والنقليّة المفيدة للزوم إمام عالم بجميع مسائل الدِّين بدون اتّباع ظنّ في كلّ زمان إلى انقراض التكليف ، سواء كان نبيّا أم وصيّ نبيّ .
وتعدية الشكّ بـ «من» بتضمين معنى البعد . «ما جاءكم به» عبارة عن الآيات البيّنات ، والمراد بمرتاب : المجادل في الآيات البيّنات . «الذين» مبتدأ والجملة استئناف بياني . «بغير سلطان أتاهم» خبر المبتدأ ، والباء للمصاحبة ، و«غير» بمعنى ضدّ

1.في «أ» : «الصنفين» .

2.الكافي ، ج ۱ ، ص ۷۲ ، كتاب التوحيد باب حدوث العالم وإثبات المحدث ، ح ۱ .

3.الحديث ۱ من باب وجوه الكفر .

4.غافر (۴۰) : ۳۴ .

5.غافر (۴۰) : ۳۵ .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
382

(وَالْحَسْرَةَ أَدْوَمُ) . عطفٌ على اسم «أنّ» وخبرها ، والتفاوت في الدوام باعتبار الابتداء ؛ لأنّ حسرة ۱ العالم متّصل بموته ، وحسرة الجاهل بعد بعثه وحشره ، موافقا لما يجيء في «كتاب الجنائز» في «باب المسألة في القبر ومَن يُسأل ومَن لا يسأل» من قول أبي عبداللّه عليه السلام : «لا يسأل في القبر إلّا من محض الإيمان محضا ، أو محض الكفر محضا ، والآخرون يلهون عنهم» ۲ .
أو باعتبار الانتهاء بأن ينتهي أحدهما ولا ينتهي الآخر ، أو ينتهي بعد انتهاء الأوّل ، فإنّ الدوام لا يستلزم الأبديّة ، كما في سورة مريم : «وَأَوْصَانِى بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّا»۳
.
أو باعتبار الوسط بأن يكون في أحدهما طفرة ولا يكون في الآخر أويكون طفرته أقلّ من الأوّل .
(عَلى هذَا الْعَالِمِ الْمُنْسَلِخِ مِنْ عِلْمِهِ) . بدل عليه . (مِنْهَا) ؛ متعلّق بأعظم ، والضمير للحجّة .
(عَلى هذَا الْجَاهِلِ) . الظرف متعلّق بالضمير ۴ في «منها» لرجوعه إلى الحجّة .
(الْمُتَحَيِّرِ فِي جَهْلِهِ) . مضى بيانه في رابع الباب ، ولا يخفى أنّ ترك ذكر «عليه» وبدله ونحو ذلك في قوله : «والحسرة أدوم» للاقتصار . وهنا احتمالات اُخرى غير ملائمة لذكر عليه .
(وَكِلَاهُمَا حَائِرٌ) أي غير مهتد (بَائِرٌ) أي هالك .

1.في حاشية «أ» : «قوله : لأنّ حسرة ، إلى آخره ، ويمكن أن يكون لأنّه يغفر الجاهل سبعون ذنبا قبل أن يغفر للعالم ذنب واحد ، كما يجيئ في أول السادس عشر من هذا الكتاب (مهدي)» .

2.الحديث ۱ من باب المسألة في القبر ومن يسأل ومن لا يسأل .

3.مريم (۱۹) : ۳۱ .

4.في حاشية «أ» : «قوله : الظرف متعلق بالضمير إلى آخره ، هذا مبني على جواز تعلّق الجار بضمير المصدر . قال صاحب المغني في مبحث الباء الزائدة وهو قول الفارسي والرماني أجازا : مروري يزيد حسن وهو بعمرو قبيح ، ومنع جمهور البصريين إعماله مطلقا ، وأجاز الكوفيّون إعماله في الظرف وغيره . انتهى (مهدي)» . اُنظر: مغني اللبيب ، ج ۱ ، ص ۱۴۴ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 117142
صفحه از 602
پرینت  ارسال به