385
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

و«أن» مفسّرة لتضمّن الحقّ معنى القول ، أو ناصبة ، وعلى الأوّل «تفقّهوا» بصيغة الأمر من باب التفعّل ، وهو إشارة إلى قوله تعالى في سورة التوبة : «فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِى الدِّينِ»۱ ، فإنّه من جملة تلك الآيات البيّنات المحكمات ؛ وعلى الثاني بصيغة المضارع من باب حسن أو من باب علم أو من باب التفعّل بحذف إحدى التاءين . ومضى بيان التفقّه والفقه في شرح سابع الثاني . ۲(وَمِنَ الْفِقْهِ أَنْ لَا تَغْتَرُّوا) . «أن» ناصبة أو مفسّرة ؛ لتضمّن الفقه أيضا معنى القول ، والاغترار : الالتفات إلى الدنيا التي هي متاع الغرور ، وإلى تلبيس إبليس بأنّ فلانا وفلانا وفلانا تمكّنوا من التصرّف في البلاد ، وتبعهم المنتسبون إلى العلم من أرباب العمائم ونحو ذلك . ومثل هذا لا يكون باطلاً ، وهذا إشارة إلى قوله تعالى في سورة لقمان : «وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللّهِ الْغَرُورُ۳»۴ ، وفي سورة آل عمران : «لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِى الْبِلَادِ»۵ .
(وَإِنَّ أَنْصَحَكُمْ لِنَفْسِهِ) . النصيحة خلاف الغشّ ؛ أي أشفقكم على نفسه .
(أَطْوَعُكُمْ لِرَبِّهِ) باتّباع الآيات البيّنات المحكمات .
(وَأَغَشَّكُمْ لِنَفْسِهِ أَعْصَاكُمْ لِرَبِّهِ) ؛ فإنّ دائرة العصيان ۶ لا ترجع إلّا إلى نفسه .
(وَمَنْ يُطِعِ اللّهَ يَأْمَنْ وَيَسْتَبْشِرْ ، وَمَنْ يَعْصِ اللّهَ يَخِبْ) ؛ بكسر المعجمة بصيغة المضارع المعلوم من باب ضرب ، والخائب : المحروم ومَن لم ينل ما طلب .
(وَيَنْدَمْ) ؛ بفتح المهملة بصيغة المضارع المعلوم من باب علم ، والنَّدَم بفتحتين والندامة : الأسف .

1.التوبة (۹) : ۱۲۲ .

2.أي الحديث ۷ من باب فرض العلم ووجوب طلبه والحث عليه .

3.في «ج» : + «فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَوةُ الدُّنْيَا» .

4.لقمان (۳۱) : ۳۳ .

5.آل عمران (۳) : ۱۹۶ .

6.في حاشية «أ» : «قوله : فإنّ الدائرة إلى آخره ، لعلّ المراد بها العقوبة التي تدور مع العصيان نفيا وإثباتا ، فالإضافة بهذه المناسبة (مهدي)» .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
384

وعبارة عن الطاغوت ، وهو إمام الضلالة التابع للظنّ . «سلطان أتاهم» عبارة عن الإمام العالم بجميع مسائل الدِّين بدون اتّباع ظنّ من عند اللّه ، المستتر في «كبر» لـ «غير» أو لمصدر «يجادلون» .
(وَلَا تَشُكُّوا فَتَكْفُرُوا) . إشارةٌ إلى ما سيجيء في «باب دعائم الكفر وشعبه» من «كتاب الإيمان والكفر» ۱ من أنّ الشكّ في الحقّ المعلوم من دعائم الكفر .
(وَلَا تُرَخِّصُوا لِأَنْفُسِكُمْ) . هذا سدّ طريق آخر للعالم العامل بغيره ، فإنّه ربّما أنكر علم نفسه بسبب عادته بالمخالفة ، كما في قوله تعالى : «ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوءَى أَنْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللّهِ»۲ ، على تقدير كون «أن كذّبوا» خبر «كان» أو اسمها .
والرخصة في الأمر خلاف التشديد فيه ؛ ورخّصت لزيد في كذا ترخيصا ، أي أعطيته الرخصة فترخّص هو فيه ؛ أي لم يستقص . والمراد النهي عن الترخيص لها في ترك شيء من العمل بالحقّ المعلوم .
(فَتُدْهِنُوا) . الدهن ـ كالنصر ـ والإدهان في الحقّ ترك المبالاة به شيئا فشيئا بحيث يؤدّي إلى الغشّ وإنكار الحقّ .
(وَلَا تُدْهِنُوا فِي الْحَقِّ فَتَخْسَرُوا) . يُقال : خسر ـ كعلم ـ في البيع : إذا حصل له نقصان فيه . والمراد ذهاب الحقّ والهدى من يده بالكلّيّة وحصول الإدهان والضلالة في يده عوضه .
(وَإِنَّ مِنَ الْحَقِّ أَنْ تَفَقَّهُوا) الحقّ المعلوم ، كما في قوله تعالى في سورة النساء : «وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللّهِ إِلَا الْحَقَّ»۳ ، وفي سورة الأعراف : «أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللّهِ إِلَا الْحَقَّ»۴ ؛ وهنا عبارة عن الآيات البيّنات المحكمات الناهية عن اتّباع الظنّ وعن الاختلاف عن ظنّ .

1.الحديث ۱ من باب دعائم الكفر وشعبه .

2.الروم (۳۰) : ۱۰ .

3.النساء (۴) : ۱۷۱ .

4.الأعراف (۷) : ۱۶۹ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 117116
صفحه از 602
پرینت  ارسال به