منهما ۱ فإذا قُسّم واُقرع ردّ كلّ منهما بعضا مخصوصا عن تصرّف الآخر فيه .
والمراد هنا أنّه إذا لم يتب في الدنيا لم يخل حاله عن صورتين :
الاُولى : أن يحيط الحقّ بجميع حسناته ، وحينئذٍ لا مراجعة له وهو هالك ، موافقا لقوله تعالى في سورة البقرة : «بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ»۲ .
الثانية : أن لا يحيط ، وحينئذٍ يصيران شريكين في الحسنات ، ويراجع ببعض حسناته ، فليس بهالك من هذه الحيثيّة ، موافقا لما يجيء في «كتاب الإيمان والكفر» في أوّل «باب في أنّ الذنوب ثلاثة» من قول أمير المؤمنين عليه السلام : «وأمّا الذنب الذي لا يُغفر فمظالم العباد بعضهم لبعض» إلى قوله عليه السلام : «فيقتصّ للعباد بعضهم من بعض حتّى لا يبقى ۳ لأحدٍ على أحدٍ مظلمة ، ثمّ يبعثهم للحساب» .
ويوافقه ما في نهج البلاغة في خطبة أوّلها : «انتفعوا ببيان اللّه » من قوله عليه السلام : «وأمّا الظلم الذي لا يُترك فظلم العباد بعضهم بعضا» . ۴(وَمَنْ أَخَذَ الْعِلْمَ مِنْ أَهْلِهِ وَعَمِلَ بِعِلْمِهِ) . «من» للتبعيض أو للابتداء .
وعلى الأوّل الضمير للأخذ أو للعلم ، والمراد بأهله مَن يستحقّ أخذ العلم ، وهو الذي يأخذه للعمل والثواب الاُخروي ، وذكر «وعمل بعلمه» للاحتراز عمّن تغيّر قصده بعد الأخذ فلم يعمل به .
وعلى الثاني الضمير للعلم ، والمراد بأهله من قام البرهان النقلي أو العقلي على أنّه عالم ويجب سؤاله عن غير المعلوم ، وهو رسول اللّه وعترته عليهم السلام ۵ كما يجيء في «كتاب الحجّة» في بعض أحاديث «باب ما نصّ اللّه عزّ وجلّ ورسوله على الأئمّة عليهم السلام واحدا فواحدا» .