403
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

الناهية عن اتّباع الظنّ ، وباضطرابه يضطرب العلم بالقدر المحتاج إليه من مسائل الدِّين .
(وَقَائِدُهُ الْعَافِيَةُ) . القَودُ : ضدّ السَوق ، فالقود من أمام ، والسوق من خلف . والمراد هنا ما يفضي بالعلم إلى استنباط النتائج منه . والعافية : البراءة من الأمراض القلبيّة المانعة عن الفكر الصحيح من حبّ الدنيا ونحوه ، كما في نهج البلاغة في وصيّته للحسن بن عليّ عليهماالسلام من قوله : «وابدأ قبل نظرك في ذلك بالاستعانة بإلهك ، والرغبة إليه في توفيقك ، وترك كلّ شائبة أولجَتْكَ 1 في شبهة ، أو أسلمتك إلى ضلالة ، فإذا أيقنت أن قد صفا قلبك فخشَعَ ، وتمّ رأيُك واجتمع 2 ، وكان همّك في ذلك همّا واحدا ، فانظر فيما فسّرت لك ، وإن أنت لم يجتمع لك ما تحبّ من نفسك وفراغ نظرك وفكرك ، فاعلم [أنّك] 3 إنّما تخبط العشواء 4 وتتورّط الظلماء» . 5 (وَمَرْكَبُهُ الْوَفَاءُ) ، بالفتح والمدّ : ضدّ الغدر ، يُقال : وفى بعهده : إذا لم يخفر . 6 والمراد به هنا العمل بمقتضى شروط اللّه تعالى وعهوده ، كما في سورة الأعراف : «أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللّهِ إِلَا الْحَقَّ» 7 ، ويجيء في «كتاب الحجّة» في سادس السابع : «لا يقبل اللّه إلّا الوفاء بالشروط والعهود» . 8 (وَسِلاحُهُ) ؛ بكسر المهملة : آلة الحرب أو حديدتها ، والمراد هنا حدّته ومضيّه .
(لِينُ الْكَلِمَةِ) ، فإنّه لا شيء أمضى لكلام العلماء من لين كلمتهم مع كلّ من الصديق الطالب للحقّ والعدوّ الطالب للمراء ، كما في قوله تعالى في سورة طه : «فَقُولَا لَهُ قَوْلاً

1.الشائبة : ما يشوب الفكر من شك وحيرة ، وأو لجتك : أدخلتك .

2.في نهج البلاغة : «فاجتمع» .

3.ما بين المعقوفين من المصدر .

4.العشواء : الضعيفة البصر ، أي تخبط خبط الناقة العشواء لا تأمن أن تسقط فيما لا خلاص منه .

5.نهج البلاغة ، ج ۳ ، ص ۴۲ ، من وصية له لولدة الحسن عليهماالسلام .

6.في حاشية «أ» : «خفر به خفرا وخفودا : نقض عهده» .

7.الأعراف (۷) : ۱۶۹ .

8.أي الحديث ۷ من باب معرفة الإمام والردّ إليه .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
402

عمدة قصده السلامة من عذاب الآخرة ومن خزي الدنيا بعُلوّ الخصومات وارتكاب المجادلات مع السفهاء المنتسبين إلى طلب العلم .
(وَحَكَمَتُهُ الْوَرَعُ) . الحَكَمة بفتحتين : ما أحاط من اللِّجام بحنك الدابّة لمنعها عن الحركات الغير المرضيّة ، وهي حديدة ، وكانت العرب تتّخذها من القِدّ ۱ ونحوه ۲ ؛ استعيرت هنا لمانع العلم عمّا لا يليق . و«الورع» بفتحتين مصدر باب ورث : الاحتراز عمّا يضرّ بالآخرة ، كالتجاوز عن القدر المحتاج إليه المفضي إلى ترك العمل ، كما مضى في رابع الرابع عشر ۳ من قوله عليه السلام : «لا تطلبوا علم ما لا تعلمون ولما تعملوا بما علمتم» ؛ وكالعُجب ، كما مضى في سابعه ۴ من أنّ العلم إذا كثر في قلب رجل لا يحتمله قَدَرَ الشيطان عليه .
(وَمُسْتَقَرُّهُ النَّجَاةُ) . المستقرّ بفتح القاف اسم مكان ، والمراد هنا موضع اطمئنان العلم ، و«النجاة» بفتح النون والجيم مصدر ۵ باب نصر : الخلاص ، وهي عبارة عن مذهب الفرقة الناجية ، وهو التصديق بوجوب إمام عالم بجميع ما يحتاج إليه الرعيّة في كلّ زمان إلى انقراض الدنيا ، وهو ذكر اللّه ، كما يجيء في أوّل «كتاب فضل القرآن» من قول أبي جعفر عليه السلام : «نحن ذكر اللّه » .
وهذا إشارة إلى قوله تعالى في سورة الرعد : «أَلَا بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ»۶ ، وفي سورة الزمر : «تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللّهِ»۷ .
والحاصل أنّه لولا هذا التصديق لاضطرب العلم بالآيات البيّنات المحكمات

1.القد بالكسر : سير يقد من جلد غير مدبوغ . الصحاح ، ج ۲ ، ص ۵۲۲ (قدد) .

2.الصحاح ، ج ۵ ، ص ۱۹۰۲ ؛ لسان العرب ، ج ۱۲ ، ص ۱۴۴ (حكم) .

3.أى الحديث ۴ من باب استعمال العلم .

4.أي الحديث ۷ من باب استعمال العلم .

5.في «أ» : + «من» .

6.الرعد (۱۳) : ۲۸ .

7.الزمر (۳۹) : ۲۳ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 97816
صفحه از 602
پرینت  ارسال به