الناهية عن اتّباع الظنّ ، وباضطرابه يضطرب العلم بالقدر المحتاج إليه من مسائل الدِّين .
(وَقَائِدُهُ الْعَافِيَةُ) . القَودُ : ضدّ السَوق ، فالقود من أمام ، والسوق من خلف . والمراد هنا ما يفضي بالعلم إلى استنباط النتائج منه . والعافية : البراءة من الأمراض القلبيّة المانعة عن الفكر الصحيح من حبّ الدنيا ونحوه ، كما في نهج البلاغة في وصيّته للحسن بن عليّ عليهماالسلام من قوله : «وابدأ قبل نظرك في ذلك بالاستعانة بإلهك ، والرغبة إليه في توفيقك ، وترك كلّ شائبة أولجَتْكَ 1 في شبهة ، أو أسلمتك إلى ضلالة ، فإذا أيقنت أن قد صفا قلبك فخشَعَ ، وتمّ رأيُك واجتمع 2 ، وكان همّك في ذلك همّا واحدا ، فانظر فيما فسّرت لك ، وإن أنت لم يجتمع لك ما تحبّ من نفسك وفراغ نظرك وفكرك ، فاعلم [أنّك] 3 إنّما تخبط العشواء 4 وتتورّط الظلماء» . 5 (وَمَرْكَبُهُ الْوَفَاءُ) ، بالفتح والمدّ : ضدّ الغدر ، يُقال : وفى بعهده : إذا لم يخفر . 6 والمراد به هنا العمل بمقتضى شروط اللّه تعالى وعهوده ، كما في سورة الأعراف : «أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللّهِ إِلَا الْحَقَّ» 7 ، ويجيء في «كتاب الحجّة» في سادس السابع : «لا يقبل اللّه إلّا الوفاء بالشروط والعهود» . 8 (وَسِلاحُهُ) ؛ بكسر المهملة : آلة الحرب أو حديدتها ، والمراد هنا حدّته ومضيّه .
(لِينُ الْكَلِمَةِ) ، فإنّه لا شيء أمضى لكلام العلماء من لين كلمتهم مع كلّ من الصديق الطالب للحقّ والعدوّ الطالب للمراء ، كما في قوله تعالى في سورة طه : «فَقُولَا لَهُ قَوْلاً
1.الشائبة : ما يشوب الفكر من شك وحيرة ، وأو لجتك : أدخلتك .
2.في نهج البلاغة : «فاجتمع» .
3.ما بين المعقوفين من المصدر .
4.العشواء : الضعيفة البصر ، أي تخبط خبط الناقة العشواء لا تأمن أن تسقط فيما لا خلاص منه .
5.نهج البلاغة ، ج ۳ ، ص ۴۲ ، من وصية له لولدة الحسن عليهماالسلام .
6.في حاشية «أ» : «خفر به خفرا وخفودا : نقض عهده» .
7.الأعراف (۷) : ۱۶۹ .
8.أي الحديث ۷ من باب معرفة الإمام والردّ إليه .