407
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

(وَنِعْمَ وَزِيرُ الرِّفْقِ الْعِبْرَةُ) ؛ بكسر المهملة وسكون الموحّدة : الاسم من الاعتبار ، وهو التأمّل في سوء عاقبة ترك من ترك الرفق بالخُرق والعنف ليعلم أنّ عنفه أيضا مثل ذلك ، وأصله من العبور بمعنى الانتقال ؛ لانتقال فكره من حال عنف غيره إلى حال عنف نفسه .
الرابع : (عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ مَيْمُونٍ الْقَدَّاحِ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام ، قَالَ) ؛ الضمير لأبي عبداللّه عليه السلام : (جَاءَ رَجُلٌ إِلى رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللّهِ ، مَا الْعِلْمُ؟) أي ما الذي يجب رعايته على طالب العلم حتّى يحصل له العلم وينتفع به .
(قَالَ : الْاءِنْصَاتُ) ، هو السكوت للاستماع للحديث ، تقول : أنصتني زيد وأنصت لي زيد ، أي سكت لاستماع حديثي .
(قَالَ : ثُمَّ مَهْ؟) ؛ أصلها «ما» للاستفهام ، اُبدل الألف هاء السكت .
(قَالَ : الِاسْتِمَاعُ ، قَالَ : ثُمَّ مَهْ؟۱قَالَ : الْحِفْظُ) في الخاطر أو في كتاب .
(قَالَ : ثُمَّ مَهْ؟ قَالَ : الْعَمَلُ بِهِ۲، قَالَ : ثُمَّ مَهْ يَا رَسُولَ اللّهِ؟) . كأنّ زيادة ندائه صلى الله عليه و آله هنا دون سوابقه للإشارة إلى أنّه لم يبق إلّا هذا السؤال . (قَالَ : نَشْرُهُ) .
الخامس : (عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، رَفَعَهُ إِلى أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : طَلَبَةُ العِلْمِ ثَلاثَةٌ) . وجه الحصر أنّ غرضه إمّا الظنّ بالأحكام الشرعيّة الحاصل بالاجتهاد باصطلاح المخالفين ، وإمّا غيره . والثاني : غرضه العلم بالأحكام الشرعيّة ، وهو إمّا للدنيا وإمّا للآخرة ، فاثنان من أهل الباطل وواحد من أهل الحقّ .
إن قلت : ينافي هذا ما مضى في سادس «باب المستأكل بعلمه والمباهي به» من قوله : «من طلب العلم ليُباهي به العلماء أو يُماري به السفهاء أو يصرف به وجوه الناس إليه ، فليتبوّأ مقعده من النار» . فإنّه تثليث لأهل الباطل .

1.في «ج» : «ثم قال : مه؟» .

2.في «ج» : - «به» .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
406

(وَدَلِيلُهُ الْهُدى) أي هدى اللّه ، وهو الإمام العالم بجميع ما يحتاج إليه الرعيّة ، كما في سورة البقرة : «إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِى الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمْ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمْ اللاَّعِنُونَ»۱ ، على أن يكون «الهدى» معطوفا على «ما أنزلنا» ، وضمير «بيّنّاه» للهدى ، وكما في سورة الزمر : «ذَلِكَ هُدَى اللّهِ يَهْدِى بِهِ مَنْ يَشَاءُ»۲ ، ونحوهما من الآيات .
(وَرَفِيقُهُ مَحَبَّةُ الْأَخْيَارِ) أي الأتقياء ، فإنّ محبّتهم ترافقه وتجرُّهُ إلى العمل .
الثالث : (مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ) ؛ بفتح النون وسكون الصاد المهملة والراء المهملة .
(عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : نِعْمَ وَزِيرُ الْاءِيمَانِ الْعِلْمُ) . الوزير : الموازر ، أي المعاون ؛ لأنّه يحمل عنه وزره أي ثقله .
والإيمان : التصديق بما جاء به النبيّ صلى الله عليه و آله أي الطوع له ، وهو فعل قلبي حاصل بعد العلم بأنّ ما جاء به النبيّ صلى الله عليه و آله حقّ ، وقد لا يحصل بعده فيصير صاحبه كافرا ، وقد يحصل بعده ضعيفا ، فإنّه قابل للقوّة والضعف .
والمراد بالعلم العلم بالقدر المحتاج إليه من مسائل الدِّين ، كما مرَّ في شرح السابق ، وذلك أنّ صبر فاقده عن شرك اتّباع الظنّ في نفس أحكامه ۳ تعالى مشكل جدّا ، وليس المراد العلم بما يؤمن به فقط ، فإنّه شرط في الإيمان ، والمعاون لا يكون شرطا .
(وَنِعْمَ وَزِيرُ الْعِلْمِ الْحِلْمُ) ؛ بكسر المهملة : الأناة ، وهي ترك الانتقام . والمراد هنا المداراة المذكورة في السابق .
(وَنِعْمَ وَزِيرُ الْحِلْمِ الرِّفْقُّ) ؛ بكسر المهملة : ضدّ العنف ، وهو لين الكلمة المذكور في السابق .

1.الزمر (۳۹) : ۲۳ .

2.البقرة (۲) : ۱۵۹ .

3.في «د» : «أحكام اللّه » بدل : «أحكامه» .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 97795
صفحه از 602
پرینت  ارسال به