(وَنِعْمَ وَزِيرُ الرِّفْقِ الْعِبْرَةُ) ؛ بكسر المهملة وسكون الموحّدة : الاسم من الاعتبار ، وهو التأمّل في سوء عاقبة ترك من ترك الرفق بالخُرق والعنف ليعلم أنّ عنفه أيضا مثل ذلك ، وأصله من العبور بمعنى الانتقال ؛ لانتقال فكره من حال عنف غيره إلى حال عنف نفسه .
الرابع : (عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ مَيْمُونٍ الْقَدَّاحِ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، عَنْ آبَائِهِ عليهم السلام ، قَالَ) ؛ الضمير لأبي عبداللّه عليه السلام : (جَاءَ رَجُلٌ إِلى رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللّهِ ، مَا الْعِلْمُ؟) أي ما الذي يجب رعايته على طالب العلم حتّى يحصل له العلم وينتفع به .
(قَالَ : الْاءِنْصَاتُ) ، هو السكوت للاستماع للحديث ، تقول : أنصتني زيد وأنصت لي زيد ، أي سكت لاستماع حديثي .
(قَالَ : ثُمَّ مَهْ؟) ؛ أصلها «ما» للاستفهام ، اُبدل الألف هاء السكت .
(قَالَ : الِاسْتِمَاعُ ، قَالَ : ثُمَّ مَهْ؟۱قَالَ : الْحِفْظُ) في الخاطر أو في كتاب .
(قَالَ : ثُمَّ مَهْ؟ قَالَ : الْعَمَلُ بِهِ۲، قَالَ : ثُمَّ مَهْ يَا رَسُولَ اللّهِ؟) . كأنّ زيادة ندائه صلى الله عليه و آله هنا دون سوابقه للإشارة إلى أنّه لم يبق إلّا هذا السؤال . (قَالَ : نَشْرُهُ) .
الخامس : (عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، رَفَعَهُ إِلى أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : طَلَبَةُ العِلْمِ ثَلاثَةٌ) . وجه الحصر أنّ غرضه إمّا الظنّ بالأحكام الشرعيّة الحاصل بالاجتهاد باصطلاح المخالفين ، وإمّا غيره . والثاني : غرضه العلم بالأحكام الشرعيّة ، وهو إمّا للدنيا وإمّا للآخرة ، فاثنان من أهل الباطل وواحد من أهل الحقّ .
إن قلت : ينافي هذا ما مضى في سادس «باب المستأكل بعلمه والمباهي به» من قوله : «من طلب العلم ليُباهي به العلماء أو يُماري به السفهاء أو يصرف به وجوه الناس إليه ، فليتبوّأ مقعده من النار» . فإنّه تثليث لأهل الباطل .