رحمه اللّه تعالى في كتاب الإفصاح ۱ أربع طوائف : الحشويّة والمرجئة والمعتزلة والخوارج ، وقال فيه : الحشويّة أصحاب الحديث ۲ ؛ يعني الأشاعرة ؛ لأنّهم أشدّ استنصاحا للحديث واستغشاشا للقرآن ، وهم يسمّون أنفسهم أهل السنّة إشارة إلى الاستنصاح . والحشو من الكلام : ما خرج من النظام . ويجيء بيان المرجئة وغيرهم في ثاني «باب التقليد» .
المقصود أنّ أكثر الاُمّة نبذوا أحكام الكتاب عمدا بعد رسول اللّه لأحاديثَ موضوعةٍ مكذوبةٍ على رسول اللّه صلى الله عليه و آله .
بيان نبذهم الكتاب : أنّهم نصبوا الذين لا يعلمون للإمامة ، فسنّوا للناس القول على اللّه بالاجتهاد والظنّ بغير علم ، وذلك لاستنصاحهم حديث معاذ في تصويبه عليه السلام قوله : أجتهد رأيي ۳ . وحديث عمرو بن العاص في أجر المخطئ في الاجتهاد وأجرَيِ المُصيب ۴ ، ونحو ذلك من أحاديثهم ، مع أنّ النهي عن القول على اللّه بغير علم معلوم لكلّ أحد من محكمات القرآن ، كما مرَّ بيانه في ثاني عشر «باب العقل» فمن استنصح أمثال هذه الأحاديث استغشّ محكمات القرآن .
(فَالْعُلَمَاءُ) . هذا إلى قوله : «حفظ الرواية» ناظر إلى قوله : «إنّ رواة» إلى قوله : «قليل» . والفاء للتعقيب ، فإنّ هذا لبيان اختلاف حال الخلف بعدما علموا حال السلف .
(يَحْزُنُهُمْ) ؛ بالمهملة والزاي والنون يمكن أن يكون من باب الإفعال ، وأن يكون من المجرّد ، يُقال : حزنه الشيء ـ كنصره وضربه ـ وأحزنه : إذا جعله في فكر ذلك الشيء ، وكان عمدةً عنده بالنسبة إلى غيره ، سواء كان مكروها عنده ، أم محبوبا يخاف فوته .
1.في «د» وحاشية «أ» : «الإيضاح».
2.الإفصاح ، ص ۲۲۶ .
3.مسند احمد ، ج ۵ ، ص ۲۳۰ ؛ سنن الدارمي ، ج ۱ ، ص ۶۰ ؛ الذريعة ، ج ۲ ، ص ۷۷۳ ؛ عدة الأصول ، ج ۱ ، ص ۳۵۶ .
4.حكاه الشافعي في الرسالة ، ص ۴۹۴ ، باب الاجتهاد ؛ كتاب الاُمّ ، ج ۶ ، ص ۲۱۶ ، كتاب الاقضية ؛ و ج ۷ ، ص ۹۹ ، باب في اجتهاد الحاكم ؛ و ص ۲۹۲ .