415
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

رحمه اللّه تعالى في كتاب الإفصاح ۱ أربع طوائف : الحشويّة والمرجئة والمعتزلة والخوارج ، وقال فيه : الحشويّة أصحاب الحديث ۲ ؛ يعني الأشاعرة ؛ لأنّهم أشدّ استنصاحا للحديث واستغشاشا للقرآن ، وهم يسمّون أنفسهم أهل السنّة إشارة إلى الاستنصاح . والحشو من الكلام : ما خرج من النظام . ويجيء بيان المرجئة وغيرهم في ثاني «باب التقليد» .
المقصود أنّ أكثر الاُمّة نبذوا أحكام الكتاب عمدا بعد رسول اللّه لأحاديثَ موضوعةٍ مكذوبةٍ على رسول اللّه صلى الله عليه و آله .
بيان نبذهم الكتاب : أنّهم نصبوا الذين لا يعلمون للإمامة ، فسنّوا للناس القول على اللّه بالاجتهاد والظنّ بغير علم ، وذلك لاستنصاحهم حديث معاذ في تصويبه عليه السلام قوله : أجتهد رأيي ۳ . وحديث عمرو بن العاص في أجر المخطئ في الاجتهاد وأجرَيِ المُصيب ۴ ، ونحو ذلك من أحاديثهم ، مع أنّ النهي عن القول على اللّه بغير علم معلوم لكلّ أحد من محكمات القرآن ، كما مرَّ بيانه في ثاني عشر «باب العقل» فمن استنصح أمثال هذه الأحاديث استغشّ محكمات القرآن .
(فَالْعُلَمَاءُ) . هذا إلى قوله : «حفظ الرواية» ناظر إلى قوله : «إنّ رواة» إلى قوله : «قليل» . والفاء للتعقيب ، فإنّ هذا لبيان اختلاف حال الخلف بعدما علموا حال السلف .
(يَحْزُنُهُمْ) ؛ بالمهملة والزاي والنون يمكن أن يكون من باب الإفعال ، وأن يكون من المجرّد ، يُقال : حزنه الشيء ـ كنصره وضربه ـ وأحزنه : إذا جعله في فكر ذلك الشيء ، وكان عمدةً عنده بالنسبة إلى غيره ، سواء كان مكروها عنده ، أم محبوبا يخاف فوته .

1.في «د» وحاشية «أ» : «الإيضاح».

2.الإفصاح ، ص ۲۲۶ .

3.مسند احمد ، ج ۵ ، ص ۲۳۰ ؛ سنن الدارمي ، ج ۱ ، ص ۶۰ ؛ الذريعة ، ج ۲ ، ص ۷۷۳ ؛ عدة الأصول ، ج ۱ ، ص ۳۵۶ .

4.حكاه الشافعي في الرسالة ، ص ۴۹۴ ، باب الاجتهاد ؛ كتاب الاُمّ ، ج ۶ ، ص ۲۱۶ ، كتاب الاقضية ؛ و ج ۷ ، ص ۹۹ ، باب في اجتهاد الحاكم ؛ و ص ۲۹۲ .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
414

(مُسْتَوْحِشا مِنْ أَوْثَقِ إِخْوَانِهِ) أي شركائه في الدِّين . والمراد أنّه لا يُطْلِعه على سرّه الذي لو ذاع لضرّ ؛ لأنّه لا يناسب كمال التقيّة ، فلا ينافي هذا ما يجيء في «كتاب الإيمان والكفر» في سابع عشر «باب حسن الخلق» من قوله عليه السلام : «لا خير فيمن لا يألَف ولا يُؤلَف» .
(فَشَدَّ اللّهُ مِنْ هذَا أَرْكَانَهُ) أي أحكم اُصول دينه ، فهو أثبت في دينه من الجبال الرواسي .
(وَأَعْطَاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمَانَهُ) . خبرٌ لتحقّق الوقوع ، أو دعاء .
(وَحَدَّثَنِي بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودٍ أَبُو عَبْدِ اللّهِ الْقَزْوِينِيُّ ، عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا مِنْهُمْ جَعْفَرُ بْنُ أحْمَد۱الصَّيْقَلِ بِقَزْوِينَ) : متعلّق بصيقل ، وقيل : بقوله : «عن عدّة» . (عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عِيسَى الْعَلَوِيِّ ، عَنْ عَبَّادِ) ؛ بفتح المهملة وشدّ الموحّدة . (بْنِ صُهَيْبٍ) ، مصغّرا . (الْبَصْرِيِّ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ) .
السادس : (عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيى ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَيْدٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللّهِ عليه السلام يَقُولُ : إِنَّ رُوَاةَ الْكِتَابِ) أي القرآن (كَثِيرٌ ، وَإِنَّ رُعَاتَهُ قَلِيلٌ) . أخبر بالمفرد عن الجمع ؛ لأنّه متعدّد في المعنى .
والمقصود أنّ أكثر الاُمّة بعد رسول اللّه صلى الله عليه و آله نبذوا أحكام كتاب اللّه بوجهين ، كلّ منهما لترجيحهم أمرا آخر على حفظ أحكام الكتاب : الأوّل : أن أقاموا حروفه ، وحرّفوا حدوده ، فهم يروونه ولا يرعونه . والثاني : ما أشار إليه بقوله : (وَكَمْ) ؛ خبريّة بمعنى كثير ، وهي مرفوعة المحلّ بالابتداء .
(مِنْ مُسْتَنْصِحٍ لِلْحَدِيثِ) . اللام للعهد الذهني ، ويحتمل الجنس ، يقال : استنصحه : إذا عدّه نصيحا ، أي خالصا لا غشّ فيه .
(مُسْتَغِشٌّ) ؛ بالرفع ، خبر المبتدأ ، يُقال : استغشّه : إذا عدّه مغشوشا غير خالص .
(لِلْكِتَابِ) . بيان حال النواصب أو الحشويّة منهم ، فإنّهم على ما ذكره الشيخ المفيد

1.في الكافي المطبوع : «محمّد» .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 97746
صفحه از 602
پرینت  ارسال به