417
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

(فَرَاعٍ) . هذا إلى آخره ، ناظر إلى قوله : «وكم من» إلى قوله : «للكتاب» ، لكنّ الفاء للتفريع على مجموع ما سبق ؛ لأنّ تحقّق القسم الأوّل ـ وهو راعي الحياة ـ لا يظهر إلّا به .
(يَرْعى حَيَاتَهُ) أي حياة نفسه ، وهو راعي الكتاب المتمسّك بعُرى ۱ الدِّين ، وهم الأئمّة من أهل البيت عليهم السلام .
(وَرَاعٍ يَرْعى هَلَكَتَهُ) ؛ بفتحتين ، أي هلاك نفسه ، وهو راعي الحديث المخالف للكتاب مع علمه بذلك لاتّباع الهوى والتلبيسات لكتمان ما أنزل اللّه .
(فَعِنْدَ ذلِكَ اخْتَلَفَ الرَّاعِيَانِ) . الفاء للتفريع ، والمشار إليه ما يفهم من قوله : «فراع» إلى آخره . وهو كونهما متعمّدين عالمَين ، فإنّه مع تصريح اللّه تعالى في محكمات كتابه على خلاف أحاديثهم ؛ أي لولا تمام الحجّة عليهم بالصدق والعدل لم يختلف الراعيان بأن يكون أحدهما من أهل الرحمة ، والآخَر من أهل الغضب .
وفي «كتاب الروضة» في رسالة أبي جعفر عليه السلام إلى سعد الخير قبل ما مرّ «إنّما غضبه على من لم يقبل منه رضاه ، وإنّما يمنع من لم يقبل منه عطاه ، وإنّما يضلّ من لم يقبل منه هداه ، ثمّ أمكن أهل السيّئات من التوبة بتبديل الحسنات دعا عباده في الكتاب إلى ذلك بصوتٍ رفيع لم ينقطع ، ولم يمنع دعاءً عباده ، فلعن اللّه الذين يكتمون ما أنزل اللّه ، وكتب على نفسه الرحمة ، فسبقت قبل الغضب ، فتمّت صدقا وعدلاً ، فليس يبتدئ العباد بالغضب قبل أن يغضبوه ، وذلك من علم اليقين وعلم التقوى» . ثمّ قال بعدما مرّ : «وكان من نبذهم الكتاب أن ولّوه الذين لا يعلمون ، فأوردوهم الهوى ، وأصدروهم إلى الردى ، وغيّروا عُرى الدِّين» الحديث ۲ .
والمراد بالهوى ميل النفس إلى الدنيا وما يترتّب عليه من الاجتهاد في نفس أحكامه تعالى في الدِّين ، وبالردى العذاب أو العمل بالاجتهاد .
(وَتَغَايَرَ الْفَرِيقَانِ) أي فريق في الجنّة وفريق في السعير .

1.جمع «عروة» .

2.الكافي ، ج ۸ ، ص ۵۲ ، ح ۱۶ .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
416

(تَرْكُ الرِّعَايَةِ) أي ترك أكثر الاُمّة رعاية الكتاب . والمقصود أنّ تركهم رعاية الكتاب هو العمدة في نظر العلماء وأكبر من حفظهم الرواية ، ولذلك يرفضهم العلماء . والأكبريّة هنا كما في قوله تعالى : «وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا» . ۱(وَالْجُهَّالُ يَحْزُنُهُمْ حِفْظُ الرِّوَايَةِ) أي حفظ أكثر الاُمّة رواية الكتاب . والمقصود أنّ حفظهم حروف الكتاب هو العمدة في نظر الجهّال وأكبر عندهم من تركهم الرعاية ، ولذلك يتبعهم الجهّال في نصبهم . وفي «كتاب الروضة» في رسالة أبي جعفر عليه السلام إلى سعد الخير هكذا : «وكلّ اُمّة قد رفع اللّه عنهم علم الكتاب حين نبذوه ، وولّاهم عدوّهم حين تولّوه ، وكان من نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه وحرّفوا حدوده ، فهم يروونه ولا يرعونه ، والجهّال يعجبهم حفظهم للرواية ، والعلماء يحزنهم تركهم للرعاية» الحديث ۲ .
«كلّ» مبتدأ خبره جملة «قد رفع» ، والمقصود أنّ ما وقع في هذه الاُمّة من ضلال أكثرهم بترك وصيّ نبيّهم قد وقع في اُمّة آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى بعد أنبيائهم ، وضمير الجمع في «يعجبهم» للجهّال ، وفي «حفظهم» لاُمّة ، وفي «يحزنهم» للعلماء ، وفي تركهم لاُمّة ، وبعض الأصحاب ۳ كتب فوق لفظة «ترك» في قوله : «ترك الرعاية» لفظة «كذا» ، ومقصوده أنّ الظاهر أن يُقال : فالعلماء يحزنهم الرعاية ، لتكون النسبة في الموضعين إلى المحبوب ، وفي الباب الآخر من كتاب السرائر لابن إدريس فيما استطرفه من كتاب اُنس العالم تصنيف الصفواني نقل هذه الرواية بتغيير عن طلحة بن زيد عن أبي عبداللّه عليه السلام وفيها : «العلماء تحزنهم الدراية ، والجهّال تحزنُهُم الرواية» . ۴

1.البقرة (۲) : ۲۱۹ .

2.الكافي ، ج ۸ ، ص ۵۳ ، ح ۱۶ .

3.في حاشية «أ» : «وهو مولانا محمد أمين الاسترآبادي رحمه الله» .

4.مستطرفات السرائر ، ص ۶۴۰ ؛ وفيه : «تحريهم» بدل «تحزنهم» . وفي هامش السرائر عن نسختين منه : «تجزيهم» .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 97739
صفحه از 602
پرینت  ارسال به