(فَرَاعٍ) . هذا إلى آخره ، ناظر إلى قوله : «وكم من» إلى قوله : «للكتاب» ، لكنّ الفاء للتفريع على مجموع ما سبق ؛ لأنّ تحقّق القسم الأوّل ـ وهو راعي الحياة ـ لا يظهر إلّا به .
(يَرْعى حَيَاتَهُ) أي حياة نفسه ، وهو راعي الكتاب المتمسّك بعُرى ۱ الدِّين ، وهم الأئمّة من أهل البيت عليهم السلام .
(وَرَاعٍ يَرْعى هَلَكَتَهُ) ؛ بفتحتين ، أي هلاك نفسه ، وهو راعي الحديث المخالف للكتاب مع علمه بذلك لاتّباع الهوى والتلبيسات لكتمان ما أنزل اللّه .
(فَعِنْدَ ذلِكَ اخْتَلَفَ الرَّاعِيَانِ) . الفاء للتفريع ، والمشار إليه ما يفهم من قوله : «فراع» إلى آخره . وهو كونهما متعمّدين عالمَين ، فإنّه مع تصريح اللّه تعالى في محكمات كتابه على خلاف أحاديثهم ؛ أي لولا تمام الحجّة عليهم بالصدق والعدل لم يختلف الراعيان بأن يكون أحدهما من أهل الرحمة ، والآخَر من أهل الغضب .
وفي «كتاب الروضة» في رسالة أبي جعفر عليه السلام إلى سعد الخير قبل ما مرّ «إنّما غضبه على من لم يقبل منه رضاه ، وإنّما يمنع من لم يقبل منه عطاه ، وإنّما يضلّ من لم يقبل منه هداه ، ثمّ أمكن أهل السيّئات من التوبة بتبديل الحسنات دعا عباده في الكتاب إلى ذلك بصوتٍ رفيع لم ينقطع ، ولم يمنع دعاءً عباده ، فلعن اللّه الذين يكتمون ما أنزل اللّه ، وكتب على نفسه الرحمة ، فسبقت قبل الغضب ، فتمّت صدقا وعدلاً ، فليس يبتدئ العباد بالغضب قبل أن يغضبوه ، وذلك من علم اليقين وعلم التقوى» . ثمّ قال بعدما مرّ : «وكان من نبذهم الكتاب أن ولّوه الذين لا يعلمون ، فأوردوهم الهوى ، وأصدروهم إلى الردى ، وغيّروا عُرى الدِّين» الحديث ۲ .
والمراد بالهوى ميل النفس إلى الدنيا وما يترتّب عليه من الاجتهاد في نفس أحكامه تعالى في الدِّين ، وبالردى العذاب أو العمل بالاجتهاد .
(وَتَغَايَرَ الْفَرِيقَانِ) أي فريق في الجنّة وفريق في السعير .