يقض بعدُ ما أمره اللّه به بناءً على أنّ من شروط الإتيان بالمأمور به إذا لم يكن مذكورا في المحكمات أن يكون علمه مأخوذا عمّن يصحّ الأخذ عنه من أهل الذِّكر عليهم السلام .
ويحتمل أن يكون العائد إلى «ما» الضمير المنصوب المذكور ، ويكون الضمير المرفوع المستتر في «أمر» راجعا إلى الإنسان ؛ أي ولم يقض بعد ما أمر غيرَه به ، بمعنى أنّه عالم بلا عمل أو بمعنى أنّه آمر بلا علم .
التاسع : (مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ مُسْكَانَ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الزُّهْرِيِّ) ؛ بضمّ الزاي وسكون الهاء المهملة .
(عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام ، قَالَ : الْوُقُوفُ عِنْدَ الشُّبْهَةِ خَيْرٌ) أي أقلّ ضررا (مِنَ الِاقْتِحَامِ) ؛ هو الدخول في الشيء من غير تأمّل . (فِي الْهَلَكَةِ) ؛ بفتحتين ، أي ما يُفضي إلى الهلاك .
والمقصود بيان حظر الفتوى الحقيقي بدون علم بالحكم الواقعي ، وحظر العمل الذي يمكنه تركه بلا بدلٍ مثله بدون علم بالحكم الواصلي ، لكن بيّنهما بحيث يظهر به سرّ حظرهما ، وهو أنّ ما يحتمله الترك حينئذٍ من المفسدة أقلُّ بكثير ممّا يحتمله الفعل منها ، فإنّ غاية ما يتصوّر في الترك من المفسدة أن يكون التارك واقفا عن الإتيان بكلامٍ صادق أو بفعل جائز ، وما يحتمله الفعل من المفسدة أن يكون آتيا بكذب على اللّه أو بفعلٍ نهى اللّه عنه ، وكلّ منهما هَلكة إن كان مع الاقتحام .
ومعنى الاقتحام أنّه لا برهان عنده على جوازه الواصلي ، ولذا لا يمنع العمل بخبر الواحد ونحوه ، مع أنّ فيه احتمال الخطأ للحكم الواقعي ، وذلك لأنّ الحكم الواصلي فيه معلوم ، فليس من الشبهة .
(وَتَرْكُكَ حَدِيثا) . هذه الجملة للترقّي عن السابق .
(لَمْ تُرْوِهِ) ؛ بسكون المهملة وكسر الواو ، والضمير ، بصيغة المضارع المعلوم المخاطب من باب ضرب ، والجملة صفة «حديثا» ومفهومها إثبات ضبطه وإثبات العمل به ؛ أي ترك روايتك حديثا حفظته وعملت بمقتضاه .