419
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

يقض بعدُ ما أمره اللّه به بناءً على أنّ من شروط الإتيان بالمأمور به إذا لم يكن مذكورا في المحكمات أن يكون علمه مأخوذا عمّن يصحّ الأخذ عنه من أهل الذِّكر عليهم السلام .
ويحتمل أن يكون العائد إلى «ما» الضمير المنصوب المذكور ، ويكون الضمير المرفوع المستتر في «أمر» راجعا إلى الإنسان ؛ أي ولم يقض بعد ما أمر غيرَه به ، بمعنى أنّه عالم بلا عمل أو بمعنى أنّه آمر بلا علم .
التاسع : (مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ مُسْكَانَ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الزُّهْرِيِّ) ؛ بضمّ الزاي وسكون الهاء المهملة .
(عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام ، قَالَ : الْوُقُوفُ عِنْدَ الشُّبْهَةِ خَيْرٌ) أي أقلّ ضررا (مِنَ الِاقْتِحَامِ) ؛ هو الدخول في الشيء من غير تأمّل . (فِي الْهَلَكَةِ) ؛ بفتحتين ، أي ما يُفضي إلى الهلاك .
والمقصود بيان حظر الفتوى الحقيقي بدون علم بالحكم الواقعي ، وحظر العمل الذي يمكنه تركه بلا بدلٍ مثله بدون علم بالحكم الواصلي ، لكن بيّنهما بحيث يظهر به سرّ حظرهما ، وهو أنّ ما يحتمله الترك حينئذٍ من المفسدة أقلُّ بكثير ممّا يحتمله الفعل منها ، فإنّ غاية ما يتصوّر في الترك من المفسدة أن يكون التارك واقفا عن الإتيان بكلامٍ صادق أو بفعل جائز ، وما يحتمله الفعل من المفسدة أن يكون آتيا بكذب على اللّه أو بفعلٍ نهى اللّه عنه ، وكلّ منهما هَلكة إن كان مع الاقتحام .
ومعنى الاقتحام أنّه لا برهان عنده على جوازه الواصلي ، ولذا لا يمنع العمل بخبر الواحد ونحوه ، مع أنّ فيه احتمال الخطأ للحكم الواقعي ، وذلك لأنّ الحكم الواصلي فيه معلوم ، فليس من الشبهة .
(وَتَرْكُكَ حَدِيثا) . هذه الجملة للترقّي عن السابق .
(لَمْ تُرْوِهِ) ؛ بسكون المهملة وكسر الواو ، والضمير ، بصيغة المضارع المعلوم المخاطب من باب ضرب ، والجملة صفة «حديثا» ومفهومها إثبات ضبطه وإثبات العمل به ؛ أي ترك روايتك حديثا حفظته وعملت بمقتضاه .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
418

السابع : (الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيُّ ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ) ؛ بضمّ الجيم . (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ أَبِي نَجْرَانَ ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : مَنْ حَفِظَ مِنْ أَحَادِيثِنَا أَرْبَعِينَ حَدِيثا ، بَعَثَهُ اللّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَالِما فَقِيها) . معنى حفظ الحديث أن يراعي شروط عمله به فيصير عالما ، ويعمل به فيصير فقيها ، والمراد بأحاديثنا الأحاديث المختصّة بأهل البيت عليهم السلام في المسائل المختلف فيها بين الاُمّة ، وذكر الأربعين مبنيّ على أنّ أكثر الناس لا يحتاجون إلى أكثر منها في المسائل المُختلَف فيها .
الثامن : (عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ ، عَنْ زَيْدٍ الشَّحَّامِ) ؛ بفتح المعجمة وشدّ المهملة ، (عَنْ أَبِي عبداللّه عليه السلام۱فِي قَوْلِ اللّهِ تبارك وتعالى)۲ في سورة عبس : («فَلْيَنْظُرِ الْاءِنْسَانُ إِلى طَعَامِهِ»۳قَالَ : قُلْتُ : مَا طَعَامُهُ؟ قَالَ : عِلْمُهُ الَّذِي يَأْخُذُهُ ، عَمَّنْ يَأْخُذُهُ؟) .
المراد بالعلم الحديث ، و«من» استفهاميّة . ولعلّ المقصود أنّ من أحد بطونه أن يُراد بالطعام العلم ، لأنّه غذاء الروح ، كما أنّ الطعام غذاء البدن . ويُراد بالنظر إلى العلم تمييز من يصحّ أخذه عنه ممّن لا يصحّ ، ويجيء بيانه في عاشر الباب .
ويناسب هذه الإرادة أن يُراد بقوله : «ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ»۴ ثمّ خذله وختم على قلبه ، كقوله : «ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ»۵ ، وقوله في سورة فاطر : «وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِى الْقُبُورِ»۶
، وبقوله : «ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ»۷ ، ثمّ إذا شاء أن يوفّقه وفّقه ، وبقوله : «كَلاَّ لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ»۸ الردع عن توهّم حصول التوفيق للكفور أو لأكثر الناس ، وتعليله بأنّه لم

1.في الكافي المطبوع : «أبي جعفر» .

2.في الكافي المطبوع : «عزّوجلّ» .

3.عبس (۸۰) : ۲۴ .

4.عبس (۸۰) : ۲۱ .

5.التين (۹۵) : ۵ .

6.فاطر (۳۵) : ۲۲ .

7.عبس (۸۰) : ۲۲ .

8.عبس (۸۰) : ۲۳ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 97740
صفحه از 602
پرینت  ارسال به