قزوين زمن ملّا خليل نقلنا قسما من مقالة الشهيدي بعينه:
بعد تجديد الحياة الاخبارية في العصر الصفوي وبواسطة الحملة الشعواء التي لم ترحم أحدا، التي شنّها السلطان عبّاس الأوّل الصفوي على المدارس الفلسفية في قزوين، استطاع الأخباريّون ـ تحت ظل السيف ـ الانتصار في مقابل الفلاسفة.
وقد اشتدّت قدرتهم عند ظهور الملّا محمّد أمين الإسترآبادي المتوفّي في سنة (1033ق)، حيث أقام دعائم الأخباريّة، وقد وصلوا إلى أوج قدرتهم في عصر ملا خليل القزويني المتوفي سنة (1089ق) ـ والذي يعدّ أخباريا متشدّدا ـ حتّى قسّمت قزوين عملاً إلى قسمين: شرقي وغربي، ويفصل هذين القسمين نهر السوق، وقد سكن القسم الشرقي منها أتباع الاُصولية في حين سكن القسم الغربى أتباع الأخبارية.
وكان الجمود الفكرى والتعصّب الأعمى في ذلك الزمان هو السائد حتّى على فضلاء ومتديني الأخبارية، وكان طلاب العلوم الدينيّة التابعين لهم يتجاهرون بالتعصب والجهل، حتّى أنّهم كانوا إذا أرادوا حمل كتب الاُصوليين يجعلونها في قطعة قماش أو غيرها، ثمّ يحملونها؛ كي لا تصيب جلود تلك الكتب أيديهم فيتنجّسوا!!!
لقد لقّب الأخباريّون العلماءَ الاُصوليين بعلماء ماوراء النهر، وكان معنى هذا الإسم واللقب أنّ من يلقّب به محكوم بالكفر والإلحاد وأنّه مهدور الدم.
تتشكل الأخباريّة من طبقتين: الأعيان أو الاشراف والرعية، وكان الجهل والاعتقاد بالخرافات والاُمور الغيبية هو الحاكم على عوام الناس، حتّى أنّ مريضهم كان يعالج بواسطة الأدعية الطبيّة ولا يعالج بالعقاقير الطبيّة ولا بشرب الأدوية.
لقد صارت القادة على أموال الاُصوليين وقتلهم أمرا عاديا رائجا بين عوامّهم.
هكذا كانت الاُمور الحاكمة في قزوين حتّى ما يقارب سنة (1165ق)، حيث دخلها الشيخ يوسف البحراني صاحب الحدائق (م 1184ق)، و هو من مشهوري علماء الأخباريّة، فلمّا دخلها استقبله الأخباريون استقبالاً حارّا، ونزل في القسم الغربي من المدينة، حيث كان بين أنصاره و أتباعه ومؤيّديه.