43
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

قزوين زمن ملّا خليل نقلنا قسما من مقالة الشهيدي بعينه:
بعد تجديد الحياة الاخبارية في العصر الصفوي وبواسطة الحملة الشعواء التي لم ترحم أحدا، التي شنّها السلطان عبّاس الأوّل الصفوي على المدارس الفلسفية في قزوين، استطاع الأخباريّون ـ تحت ظل السيف ـ الانتصار في مقابل الفلاسفة.
وقد اشتدّت قدرتهم عند ظهور الملّا محمّد أمين الإسترآبادي المتوفّي في سنة (1033ق)، حيث أقام دعائم الأخباريّة، وقد وصلوا إلى أوج قدرتهم في عصر ملا خليل القزويني المتوفي سنة (1089ق) ـ والذي يعدّ أخباريا متشدّدا ـ حتّى قسّمت قزوين عملاً إلى قسمين: شرقي وغربي، ويفصل هذين القسمين نهر السوق، وقد سكن القسم الشرقي منها أتباع الاُصولية في حين سكن القسم الغربى أتباع الأخبارية.
وكان الجمود الفكرى والتعصّب الأعمى في ذلك الزمان هو السائد حتّى على فضلاء ومتديني الأخبارية، وكان طلاب العلوم الدينيّة التابعين لهم يتجاهرون بالتعصب والجهل، حتّى أنّهم كانوا إذا أرادوا حمل كتب الاُصوليين يجعلونها في قطعة قماش أو غيرها، ثمّ يحملونها؛ كي لا تصيب جلود تلك الكتب أيديهم فيتنجّسوا!!!
لقد لقّب الأخباريّون العلماءَ الاُصوليين بعلماء ماوراء النهر، وكان معنى هذا الإسم واللقب أنّ من يلقّب به محكوم بالكفر والإلحاد وأنّه مهدور الدم.
تتشكل الأخباريّة من طبقتين: الأعيان أو الاشراف والرعية، وكان الجهل والاعتقاد بالخرافات والاُمور الغيبية هو الحاكم على عوام الناس، حتّى أنّ مريضهم كان يعالج بواسطة الأدعية الطبيّة ولا يعالج بالعقاقير الطبيّة ولا بشرب الأدوية.
لقد صارت القادة على أموال الاُصوليين وقتلهم أمرا عاديا رائجا بين عوامّهم.
هكذا كانت الاُمور الحاكمة في قزوين حتّى ما يقارب سنة (1165ق)، حيث دخلها الشيخ يوسف البحراني صاحب الحدائق (م 1184ق)، و هو من مشهوري علماء الأخباريّة، فلمّا دخلها استقبله الأخباريون استقبالاً حارّا، ونزل في القسم الغربي من المدينة، حيث كان بين أنصاره و أتباعه ومؤيّديه.


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
42

والشيخ علك القزويني الذي توفّي في حدود سنة (480ق)، ومن معاصري السلطان محمّد بن ملكشاه السلجوقي صاحب الكرامات، وأبي بكر بن شاذان القزويني المتوفّي في سنة (581ق)، والكاتب القزويني المتوفّي في سنة (675ق)، وعبد الجليل القزويني صاحب كتاب نقض، وآخرون. ۱
لقد قام السلطان عبّاس الأوّل الصفوي (حكم 996 ـ المتوفّي 1038ق) بانقلاب عسكري على جيشه، فعزل جميع قوّاد الجيش وأصحاب المراتب العاليه فيه ممّن كان صوفيّا أوله مسلك فلسفي، كما وأغلق المدارس الفلسفيّة في قزوين، وحدّث قتل عام للفلاسفة ولمن يتّصل بهم في قزوين، وأسّس محاكم لمعرفة عقائد الناس، وكثيرا مّا كان يحاكم الفلاسفة بنفسه ويصدر في حقّهم حكم الإعدام. وقد عكس لنا الملّا عبد النبيّ القزويني (م 1050ق) أحد هذه المجازر الجماعيّة التي ارتكبها السلطان عبّاس بنفسه. ۲
وبعد هذه التصفية التامّة للفلاسفة والصوفيّة أصبح الميدان خاليا للأخباريّين، ففي ظلّ السيف استطاع الصفويّون من سنة (1003ق) الاستيلاء التامّ على حوزات مدينة قزوين من سنة (1003ق) وأخذوا يصولون ويجولون فيها، واستمرّت قوّتهم وشوكتهم حتّى بعد انتقال العاصمة إلى مدينة إصفهان، بل استمرّت بعد انقراض الدولة الصفويّة.
وكان العلماء الاُصوليّون في قزوين يدركون خطر الأخباريّين، وكانوا على قلق شديد من الجمود الفكرى الحاكم على الحوزات العلميّة للشيعة والناشئ من الفكر الأخباري الجامد، ولذا نراهم كانوا يخالفونهم، ويتنازعون معهم من بداية شوكتهم وقوّتهم في قزوين.
وقد كتب المحقّق الشهيدي الصالحي القزويني مقالاً تحقيقيّا دقيقا في نشوء وسقوط الأخباريّين في قزوين، ولأجل معرفة هذا التيّار الفكري الحاكم على مدينة

1.مدرسه فلسفى قزوين در عصر صفوى (مقاله)، عبدالحسين صالحى شهيدى، (طبع في مجلّة حوزة، ش ۵۸، ص ۱۶۹ ـ ۱۹۲).

2.المصدر السابق.

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 116801
صفحه از 602
پرینت  ارسال به