431
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

(رَفَعَهُ : أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام قَالَ فِي بَعْضِ خُطَبِهِ : أَيُّهَا النَّاسُ ، اعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ بِعَاقِلٍ مَنِ انْزَعَجَ) . يُقال : أزعجه ، أي أقلقه وقلعه من مكانه فانزعج ۱ ، ويكون للمكروه وللمحبوب .
(مِنْ قَوْلِ الزُّورِ فِيهِ) ، بضمّ الزاي وسكون الواو ومهملة : الكذب ، سواء كان ذمّا أم ۲ مدحا ، والمراد هنا الذمّ . ووجه منافاته للعقل أنّ الزور قد قيل في اللّه وفي رسله ، كما في سورة المائدة : «وَقَالَتْ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ»۳ ، وفيها : «لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ»۴ ، وكما في سورة فاطر : «وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ»۵ ، فالانزعاج به نوع من التكبّر .
(وَلَا بِحَكِيمٍ مَنْ رَضِيَ بِثَنَاءِ الْجَاهِلِ عَلَيْهِ) . الحكمة : العقل والفهم ، كما مضى في ثاني عشر الأوّل . ۶ والرِّضا ضدّ السخط ، والثناء بفتح المثلّثة والمدّ : المدح أو المدح المتكرّر . والمراد هنا ما يطابق الواقع من الثناء ، والمراد بالجاهل من ليس بعاقل كالمخالفين للشيعة الإماميّة .
وفيه دلالة على أنّ الرضا بثناء الجاهل لا ينافي العقل ، إنّما ينافي كمال العقل ، وذلك لأنّه مظنّة الركون إلى الجاهل ، وإن لم يستلزم الركون إليه فالاحتراز عنه أولى .
(النَّاسُ أَبْنَاءُ مَا يُحْسِنُونَ) ؛ من باب الإفعال ، يُقال : أحسن الشيء : إذا أتى به حَسَنا وكما هو حقّه . والعائد المنصوب محذوف ، أي يحسنونه ؛ شبّه ما يُحسَن بالأب لأنّه كما يعرف الابن بالأب ، يعرف الإنسان بما يُحسِن ، أو لأنّه كالأب في جلب النفع والرزق .
(وَقَدْرُ كُلِّ امْرِئٍ) أي قيمته (مَا يُحْسِنُ) فإن كان ما يحسن أمرا خسيسا كالصنائع

1.الصحاح ، ج ۱ ، ص ۳۱۹ ؛ لسان العرب ، ج ۲ ، ص ۸۸ (زعج) .

2.في «ج» : «أو» .

3.المائدة (۵) : ۶۴ .

4.المائدة (۵) : ۷۳ .

5.فاطر (۳۵) : ۴ .

6.أي الحديث ۱۲ من باب العقل والجهل .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
430

الحجّة» في تاسع «باب أنّ الأرض كلّها للإمام عليه السلام » وكما وقع بين الفضل ۱ بن شاذان ويونس بن عبد الرحمان ، ويجيء في «كتاب المواريث» في «باب أنّ ميراث أهل الملل بينهم على كتاب اللّه وسنّة نبيّه صلى الله عليه و آله » .
الثانية : أنّه لا يمكن أن يكون الحكمان المتنافيان عن علم ، فأحدهما أو كلاهما عن ظنّ ، بناءً على أنّ الجزم المنقسم إلى الجهل المركّب والتقليد نوع من الظنّ القويّ ، كما تقرّر في محلّه .
الثالثة : أنّ الفتيا عن ظنّ قسمان ؛ أوّلهما أن يعلم المفتي أنّه عن ظنّ ومبنيّ على تذاكر العلم وصفة الحلم ، وهو افتراء الكذب على اللّه ، كما مرّ في خامس الباب .
وثانيهما : أن لا يعلم أنّه عن الظنّ ، بل اشتبه عنده بالعلم ، فإنّ الفرق بين الظنّ القويّ والعلم ليس بضروريّ ، والقسم الثاني لا يوجب تفسيق صاحبه . ويجيء توضيح ذلك في «كتاب الإيمان والكفر» في شرح ثاني عشر «باب مجالسة أهل المعاصي» .
الرابعة : أنّ الاختلاف بين ثقات أصحاب الأئمّة ومَن لا يجوز تفسيقه من الإماميّة من القسم الثاني ، لا من القسم الأوّل ، كما زعمه الشيخ الطوسي رحمه اللّه تعالى في عدّة الاُصول في فصل في ذكر خبر الواحد وجملة من القول في أحكامه . ۲
الخامسة : أنّ المستفتي ۳ والمتحاكمين يحتاجون إلى معرفة قاعدة كلّيّة للتمييز بين من يجوز اتّباعه ومَن لا يجوز من المختلفين في الفتيا والقضاء ، وهذا الحديث لبيانها . ونظيره ما يجيء في ثاني عشر «باب اختلاف الحديث» .
الرابع عشر : (الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِيَّا الْغَلاَبِيِّ) ؛ بفتح المعجمة وتخفيف اللام والموحّدة ، وغلاب ـ كقطام ـ اسم امرأة ، وبنو غلاب قبيلة بالبصرة من بني نصر بن معاوية . ۴(عَنِ ابْنِ عَائِشَةَ البِصْرِيِّ) ؛ بكسر الموحّدة .

1.في «ج» : «فضل» .

2.عدة الاُصول ، ج ۱ ، ص ۲۸۶ ، وفي طبعة اُخرى ، ج ۱ ، ص ۹۷ .

3.في «ج» : «المستفتين» .

4.تاج العروس ، ج ۲ ، ص ۲۹۳ (غلب) .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 97682
صفحه از 602
پرینت  ارسال به