(رَفَعَهُ : أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام قَالَ فِي بَعْضِ خُطَبِهِ : أَيُّهَا النَّاسُ ، اعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ بِعَاقِلٍ مَنِ انْزَعَجَ) . يُقال : أزعجه ، أي أقلقه وقلعه من مكانه فانزعج ۱ ، ويكون للمكروه وللمحبوب .
(مِنْ قَوْلِ الزُّورِ فِيهِ) ، بضمّ الزاي وسكون الواو ومهملة : الكذب ، سواء كان ذمّا أم ۲ مدحا ، والمراد هنا الذمّ . ووجه منافاته للعقل أنّ الزور قد قيل في اللّه وفي رسله ، كما في سورة المائدة : «وَقَالَتْ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ»۳ ، وفيها : «لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ»۴ ، وكما في سورة فاطر : «وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ»۵ ، فالانزعاج به نوع من التكبّر .
(وَلَا بِحَكِيمٍ مَنْ رَضِيَ بِثَنَاءِ الْجَاهِلِ عَلَيْهِ) . الحكمة : العقل والفهم ، كما مضى في ثاني عشر الأوّل . ۶ والرِّضا ضدّ السخط ، والثناء بفتح المثلّثة والمدّ : المدح أو المدح المتكرّر . والمراد هنا ما يطابق الواقع من الثناء ، والمراد بالجاهل من ليس بعاقل كالمخالفين للشيعة الإماميّة .
وفيه دلالة على أنّ الرضا بثناء الجاهل لا ينافي العقل ، إنّما ينافي كمال العقل ، وذلك لأنّه مظنّة الركون إلى الجاهل ، وإن لم يستلزم الركون إليه فالاحتراز عنه أولى .
(النَّاسُ أَبْنَاءُ مَا يُحْسِنُونَ) ؛ من باب الإفعال ، يُقال : أحسن الشيء : إذا أتى به حَسَنا وكما هو حقّه . والعائد المنصوب محذوف ، أي يحسنونه ؛ شبّه ما يُحسَن بالأب لأنّه كما يعرف الابن بالأب ، يعرف الإنسان بما يُحسِن ، أو لأنّه كالأب في جلب النفع والرزق .
(وَقَدْرُ كُلِّ امْرِئٍ) أي قيمته (مَا يُحْسِنُ) فإن كان ما يحسن أمرا خسيسا كالصنائع