437
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

(قَالَ : فتُعمَدُ۱ذلِكَ؟ . قُلْتُ : لَا ، فَقَالَ : تُرِيدُ الْمَعَانِيَ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : فَلَا بَأْسَ) . المضبوط في النسخ «تعمد» بالمثنّاة فوقُ ، وقيل في معناه : تقصد . ۲
انتهى . فهو من تعمّده : إذا قصده ، وأصله «تتعمّد» حذف إحدى التاءين من باب التفعّل ، أو عمده ـ كضربه ـ : إذا قصده .
وفي ظاهر هذا مناقشة ؛ لأنّ عدم العمد معلوم من قول الراوي ، فيلزم أن لا يكون هذا السؤال في موضعه .
ويمكن دفعها بأنّ المراد بالعمد ترك تكراره ذلك ، مع العلم بأنّ عادته عدم المجيء ، فإنّه في حكم العمد . والأظهر أن يكون «تعمد» على صيغة المخاطب من باب الإفعال أو باب التفعيل ؛ من عمد البعير ـ كعلم ـ : إذا انفضخ داخل سنامه من الركوب . ۳ وظاهره صحيح ، فهو بعير عَمِد بفتح العين وكسر الميم ، وهذا الداء عمد بفتحتين .
ويُطلق على النفاق ؛ ففي نهج البلاغة : «للّه بلاءُ فلانٍ ، فلقد قوّم الأوَدَ وداوى العَمَد» إلى آخره . ۴
و«فلان» عبارة عن محمّد بن أبي بكر ، لم يصرّح باسمه تقيّةً ؛ لأنّ الكلام تعريض بأبيه ومدح لمحمّد بأنّه تبرّأ من أبيه ورذائله ، مع أنّه مشكل جدّا في عادات الناس . ويحتمل أن يكون عبارة عن مالك الأشتر رحمهما اللّه تعالى ، فالمعنى أفتجعل الحديث فاسد الباطن صحيح الظاهر .
وهذا يتصوّر على وجهين :
الأوّل : أن يكون في ابتداء لفظه ما يشعر بأنّه يرويه كما سمعه ، ثمّ يخالف ذلك للنسيان ، ولا يستدرك ذلك بلفظ بدل على أنّه ليس كما سمعه ، فيكون فيه تلبيس . وهذا هو الظاهر من كلام الراوي ، ولذا لم يقع هذا السؤال فيما مرّ في ثاني الباب ، وهو

1.في الكافي المطبوع : «فتتعّمد» .

2.الصحاح ، ج ۲ ، ص ۵۱۱ (عمد) .

3.القاموس المحيط ، ج ۱، ص ۳۱۷ ؛ تاج العروس ، ج ۵ ، ص ۱۲۵ (عمد) .

4.نهج البلاغة ، ص ۳۵۰ ، الخطبة : ۲۲۸ ؛ وفيه : «فقد» بدل «فلقد» .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
436

الذين إذا سمعوا الحديث لم يزيدوا فيه ولم ينقصوا منه ، جاؤا به كما سمعوه» .
والظاهر أنّ ضمير «هم» فيه للقائلين : «أحسنه» ، وعلى كلّ تقدير «الذين» عبارة عن المستفتين والمتحاكمين . ومضى توضيح الآية في شرح صدر ثاني عشر الأوّل . ۱
الثاني : (مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ ، قَالَ : قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام : أَسْمَعُ الْحَدِيثَ مِنْكَ ، فَأَزِيدُ وَأَنْقُصُ؟) أي في اللفظ حين الرواية عنك ، واستعمال المضارع لحكاية الحال الماضية ، والدلالة على الاستمرار في الماضي .
(قَالَ : إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ) . لم يقل ، «إن أردت» ليطابق السؤال ، فإنّ زيادة «كان» بعد «إن» الشرطيّة تقلب الفعل إلى الماضي ، فالمضارع بعد «كان» للاستمرار في الماضي .
(مَعَانِيَهُ) . الضمير للحديث ، أي الاُمور الداخلة في أصل المراد ، أو أعمّ منها ومن المزايا الخارجة وجهاته المقصودة منه حسب اقتضاء مقامه للبلغاء . والمقصود بإرادة المعاني ذكر المعاني كما هو حقّها ، وذلك بعد معرفة المعاني والألفاظ المناسبة لها ببصيرة ، وذلك لا يتيسّر إلّا لنُقّاد الكلام والمَهَرة من الأعلام .
(فَلَا بَأْسَ) أي يجوز ذلك ، وإن كان الأحسن النقل كما سمع إن تيسّر . ويحتمل أن يكون المراد بإرادة المعاني إظهار أنّه نقل بالمعنى ، ومنه النقل إلى الأعجمي بلغته ، وقوله تعالى : «إِنَّ هَذَا لَفِى الصُّحُفِ الْأُولَى»۲ ، وحكايته تعالى قصّة آدم وعدم سجدة إبليس له بعبارات مختلفة في سور متعدّدة ، وكذا قصّة موسى عليه السلام .
الثالث : (وَعَنْهُ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنِ ابْنِ سِنَانٍ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ ، قَالَ : قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام : إِنِّي أَسْمَعُ الْكَلَامَ مِنْكَ ، فَأُرِيدُ أَنْ أَرْوِيَهُ كَمَا سَمِعْتُهُ مِنْكَ فَلَا يَجِيءُ؟) أي لا يجيء لفظه كما سمعته إلى ذهني في أثناء الرواية بعد التأمّل لنسياني بالكلّيّة اللفظ .

1.أي الحديث ۱۲ من باب العقل والجهل .

2.الأعلى (۸۷) : ۱۸ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 118702
صفحه از 602
پرینت  ارسال به