(قَالَ : فتُعمَدُ۱ذلِكَ؟ . قُلْتُ : لَا ، فَقَالَ : تُرِيدُ الْمَعَانِيَ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : فَلَا بَأْسَ) . المضبوط في النسخ «تعمد» بالمثنّاة فوقُ ، وقيل في معناه : تقصد . ۲
انتهى . فهو من تعمّده : إذا قصده ، وأصله «تتعمّد» حذف إحدى التاءين من باب التفعّل ، أو عمده ـ كضربه ـ : إذا قصده .
وفي ظاهر هذا مناقشة ؛ لأنّ عدم العمد معلوم من قول الراوي ، فيلزم أن لا يكون هذا السؤال في موضعه .
ويمكن دفعها بأنّ المراد بالعمد ترك تكراره ذلك ، مع العلم بأنّ عادته عدم المجيء ، فإنّه في حكم العمد . والأظهر أن يكون «تعمد» على صيغة المخاطب من باب الإفعال أو باب التفعيل ؛ من عمد البعير ـ كعلم ـ : إذا انفضخ داخل سنامه من الركوب . ۳ وظاهره صحيح ، فهو بعير عَمِد بفتح العين وكسر الميم ، وهذا الداء عمد بفتحتين .
ويُطلق على النفاق ؛ ففي نهج البلاغة : «للّه بلاءُ فلانٍ ، فلقد قوّم الأوَدَ وداوى العَمَد» إلى آخره . ۴
و«فلان» عبارة عن محمّد بن أبي بكر ، لم يصرّح باسمه تقيّةً ؛ لأنّ الكلام تعريض بأبيه ومدح لمحمّد بأنّه تبرّأ من أبيه ورذائله ، مع أنّه مشكل جدّا في عادات الناس . ويحتمل أن يكون عبارة عن مالك الأشتر رحمهما اللّه تعالى ، فالمعنى أفتجعل الحديث فاسد الباطن صحيح الظاهر .
وهذا يتصوّر على وجهين :
الأوّل : أن يكون في ابتداء لفظه ما يشعر بأنّه يرويه كما سمعه ، ثمّ يخالف ذلك للنسيان ، ولا يستدرك ذلك بلفظ بدل على أنّه ليس كما سمعه ، فيكون فيه تلبيس . وهذا هو الظاهر من كلام الراوي ، ولذا لم يقع هذا السؤال فيما مرّ في ثاني الباب ، وهو
1.في الكافي المطبوع : «فتتعّمد» .
2.الصحاح ، ج ۲ ، ص ۵۱۱ (عمد) .
3.القاموس المحيط ، ج ۱، ص ۳۱۷ ؛ تاج العروس ، ج ۵ ، ص ۱۲۵ (عمد) .
4.نهج البلاغة ، ص ۳۵۰ ، الخطبة : ۲۲۸ ؛ وفيه : «فقد» بدل «فلقد» .