(يَجُوزُ لِي أَنْ أَرْوِيَهُ عَنْهُ؟ قَالَ : فَقَالَ : إِذَا عَلِمْتَ أَنَّ الْكِتَابَ لَهُ) أي مجموع له بأن يكون الكتاب أصلاً والرجل سامعه من الإمام وجامعه ، وليس فيه إلّا ما سمعه من الأحاديث .
إن قلت : لا يمكن فيما نحن فيه تحصيل العلم القطعي ، فهل استعمل العلم هنا فيما يشمل الظنّ ، كما زعموا في قوله تعالى في سورة الممتحنة : «فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ»۱ ، ويجيء بيان حقيقته في «كتاب النكاح» في شرح سادس «باب مناكحة النصّاب والشكّاك» فدلّ على أنّه يجوز الاكتفاء في أمثال ذلك بالظنّ ، أم لا؟
قلت : لا ، بل فيه مجاز في التعلّق بالمفعول به ، والمعنى : إذا علمت ما تشهد به شرعا أنّ الكتاب له كما في سائر الشهادات الشرعيّة التي يشترط فيها العلم نحو الشهادة بكون الدار لزيد دون عمرو ، وحمل عليه قوله تعالى في سورة يوسف : «إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلَا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ»۲ ) ؛ وذلك بأن يقول حين أعطى الكتاب : هذا مشتمل على أحاديث سمعتها أنا ممّن رويتها عنه فيه أو نحو ذلك .
ويمكن أن يُراد بكون الكتاب له ما يشمل كونه مصنّفا له ، أو مسموعا له من جامعه ، أو من مصنّفه بلا واسطة ، أو بالواسطة ، أو نحو ذلك ممّا يجوز له بسببه روايته لغيره .
(فَارْوِهِ عَنْهُ) . ظاهره أنّ الإجازة التي عدّها المخالفون من طرق التحمّل لغو لا يتوقّف عليها جواز الرواية أصلاً ؛ لأنّ قوله : «إذا علمت» عامّ شامل لغير صورة المناولة أيضا ، فإنّ المورد غير مخصّص للعموم .
إن قلت : يلزم أن يكون المناولة أيضا لغوا؟
قلت : لا يلزم ؛ لأنّ المناولة من طرق العلم بأنّ الكتاب له بخلاف الإجازة .
نعم ، يلزم أنّه لو علمنا بالشهرة بين الناس وتصحيح الثقات أنّ الكافي مثلاً لمحمّد بن يعقوب ، جاز لنا روايته عنه على ما علمناه عليه ، ولا حاجة في مثله إلى إجازة ولا مناولة ، وقد نسج كثير من متأخّرينا في ذلك على منوال المخالفين بدون ذكر مستند من أهل الذِّكر عليهم السلام لا متواترا ولا آحادا .