441
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

(يَجُوزُ لِي أَنْ أَرْوِيَهُ عَنْهُ؟ قَالَ : فَقَالَ : إِذَا عَلِمْتَ أَنَّ الْكِتَابَ لَهُ) أي مجموع له بأن يكون الكتاب أصلاً والرجل سامعه من الإمام وجامعه ، وليس فيه إلّا ما سمعه من الأحاديث .
إن قلت : لا يمكن فيما نحن فيه تحصيل العلم القطعي ، فهل استعمل العلم هنا فيما يشمل الظنّ ، كما زعموا في قوله تعالى في سورة الممتحنة : «فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ»۱ ، ويجيء بيان حقيقته في «كتاب النكاح» في شرح سادس «باب مناكحة النصّاب والشكّاك» فدلّ على أنّه يجوز الاكتفاء في أمثال ذلك بالظنّ ، أم لا؟
قلت : لا ، بل فيه مجاز في التعلّق بالمفعول به ، والمعنى : إذا علمت ما تشهد به شرعا أنّ الكتاب له كما في سائر الشهادات الشرعيّة التي يشترط فيها العلم نحو الشهادة بكون الدار لزيد دون عمرو ، وحمل عليه قوله تعالى في سورة يوسف : «إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلَا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ»۲ ) ؛ وذلك بأن يقول حين أعطى الكتاب : هذا مشتمل على أحاديث سمعتها أنا ممّن رويتها عنه فيه أو نحو ذلك .
ويمكن أن يُراد بكون الكتاب له ما يشمل كونه مصنّفا له ، أو مسموعا له من جامعه ، أو من مصنّفه بلا واسطة ، أو بالواسطة ، أو نحو ذلك ممّا يجوز له بسببه روايته لغيره .
(فَارْوِهِ عَنْهُ) . ظاهره أنّ الإجازة التي عدّها المخالفون من طرق التحمّل لغو لا يتوقّف عليها جواز الرواية أصلاً ؛ لأنّ قوله : «إذا علمت» عامّ شامل لغير صورة المناولة أيضا ، فإنّ المورد غير مخصّص للعموم .
إن قلت : يلزم أن يكون المناولة أيضا لغوا؟
قلت : لا يلزم ؛ لأنّ المناولة من طرق العلم بأنّ الكتاب له بخلاف الإجازة .
نعم ، يلزم أنّه لو علمنا بالشهرة بين الناس وتصحيح الثقات أنّ الكافي مثلاً لمحمّد بن يعقوب ، جاز لنا روايته عنه على ما علمناه عليه ، ولا حاجة في مثله إلى إجازة ولا مناولة ، وقد نسج كثير من متأخّرينا في ذلك على منوال المخالفين بدون ذكر مستند من أهل الذِّكر عليهم السلام لا متواترا ولا آحادا .

1.الممتحنة (۶۰) : ۱۰ .

2.يوسف (۱۲) : ۸۱ .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
440

الحديث (وَمِنْ آخِرِهِ) أي ثلثه الآخر (حَدِيثا) أي درسا من الحديث .
والمقصود أمره ۱ بتخفيف عدد الدرس في كلّ يوم إلى الثلاثة المذكورة ، وإشراكهم فيها ليقوى ولا يضجر ، ويقع كلّ تلميذ إمّا على مقصوده وإمّا على قريب من مقصوده ، وكذا من يتجدّد من التلامذة . أو أمره بتفريق درس طويل من موضع واحد إلى ثلاثة مواضع ، فإنّ من المجرّب أنّه أبعد من الضجرة ، كما مضى في أوّل «باب النوادر» .
والظاهر أنّه ليس المراد أن يقرأ ثلاثة أحاديث متفرّقة في يوم واحد ويكتفي بذلك مع المناولة ۲ ونحوها ممّا هو مذكور في طرق تحمّل الحديث ؛ وذلك لأنّ هذا الجواب إنّما يناسب لو كان المقصود بالذات للسائل السؤال عمّن يتجدّد من التلامذة ، وليس كذلك ، فإنّ الأنسب حينئذٍ أن يكون في كلام السائل بدل «فيسمعون» : «ليسمعوا» .
فالمقصود بالذات السؤال عن المشغولين ، وحينئذٍ لا فائدة في القراءة من أوّله ، ولأنّ العمدة في تحمّل الحديث الدراية الحاصلة بسماع التفصيل ، لا ما يحصل بالمناولة ونحوها ، فإشارته ۳ عليه بالثاني لا يصحّ إلّا مع حصول الضجرة وعدم القوّة في كلّ فرد من الأوّل ، وبعيد أن يتضجّر ولا يقوى على ثلاثة دروس في كلّ يوم يقرأ فيه الدرس .
السادس : (عَنْهُ بِإِسْنَادِهِ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ الْحَلَالِ) ؛ بفتح المهملة وشدّ اللام : بيّاع الحلّ بالفتح ، وهو دهن السمسم . ۴(قَالَ : قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا عليه السلام : الرَّجُلُ مِنْ أَصْحَابِنَا يُعْطِينِي الْكِتَابَ) أي كتاب الحديث ، ويسمّى هذا عند أهل الدراية «مناولةً» .
(وَلَا يَقُولُ : ارْوِهِ عَنِّي) أي لم يصدر عنه الإجازة لي ، إنّما صدر عنه المناولة .

1.في «ج» : «أمر» .

2.المناولة : هي واحدة من أقسام تحمل الحديث ، وهي أن يناول الشيخ الطالب كتابا وهي على نوعين مقرونة بالإجازة ومجردة عنها. البداية في علم الدراية ضمن رسائل في دراية الحديث ، ج ۱ ، ص ۱۴۰ .

3.في «ج» : «وإشارته» .

4.الصحاح ، ج ۴ ، ص ۱۶۷۲ ؛ لسان العرب ، ج ۱۱ ، ص ۱۷۳ (حلل) .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 118574
صفحه از 602
پرینت  ارسال به