449
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

الثاني : (عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْهَمَذَانِيِّ) ؛ بالهاء والميم المفتوحتين والمعجمة نسبةً إلى بلد بناه همذان بن الفلّوج بن سام بن نوح . ۱(عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدَةَ) بضمّ المهملة وفتح الموحّدة وسكون الخاتمة .
(قَالَ : قَالَ لِي أَبُو الْحَسَنِ عليه السلام ) ؛ يحتمل الأوّل والثاني عليهماالسلام . (يَا مُحَمَّدُ ، أَنْتُمْ أَشَدُّ تَقْلِيدا) أي لأئمّتكم (أَمِ الْمُرْجِئَةُ؟) .
الإرجاء على معنيين : الأوّل : التأخير ، وهذا إذا كان مهموز اللام . الثاني : إعطاء الرجا ، وهذا إذا كان من الناقص الواوي . و«المرجئة» بضمّ الميم وسكون المهملة وكسر الجيم ، فإن جعلت من الأوّل وقد حصرها فيه الأكثر ، كان بعد الجيم همزة ، ويجوز قلبها ياءً ، ويجوز تشديد الياء للنسبة على حذف لام الفعل بعد قلبها ياءً . وقيل : لا يجوز . ۲ والمراد بها هنا المؤخِّرَة لأمير المؤمنين عليه السلام إلى المرتبة الرابعة ، وعلى هذا المرجئة والشيعة طائفتان متقابلتان .
وإن جعلت من الثاني كان بعد الجيم ياء مخفّفة ، ويجوز تشديدها للنسبة على حذف لام الفعل . والمراد بها هنا المجوّزة للناس حتّى للأئمّة اتّباعَ الرأي والهوى في الدِّين بالاجتهادات الظنّيّة . وعلى هذا يشمل المرجئة نحو الزيديّة ۳ القائلين بالاجتهاد .
والمشهور إطلاق المرجئة على الطائفة المؤخّرة للعمل عن الإيمان ، حيث جعلوا التصديق المعتبر في حدّ الإيمان عبارة عن العلم اليقيني ؛ أي العلم باصطلاح المتكلِّمين ، فحكموا بأنّ إيمان الصدِّيقين والفسّاق لا يتفاوت بالكمال والنقصان ، كما يجيء في «كتاب الحجّة» في ثاني «باب ما أمر النبيّ صلى الله عليه و آله بالنصيحة لأئمّة المسلمين» .

1.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۳۶۱ ؛ وحكاه الميرداماد في الرواشح السماوية ، ص ۱۴۹ .

2.في حاشية «أ» : «صاحب القاموس . (منه دام ظله)» . القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۱۶ .

3.هم جماعة ينسبون إلى زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ، ساقوا الإمامة في أولاد فاطمة عليهاالسلام ولم يجوّزوا ثبوت الإمامة في غيرهم ، إلّا أنّهم جوّزوا أن يكون كلّ فاطمي عالم شجاع سخي خرج بالإمامة أن يكون إماما واجب الطاعة ، سواء كان من أولاد الحسن أو الحسين عليهماالسلام . الملل والنحل ، ج ۱ ، ص ۱۵۴ .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
448

وتحريم ما أمر به . وهذا التأويل هو المذكور في خامس «باب النوادر» بقوله : «بتذاكر العلم وصفة الحلم» .
الثاني : إفتاؤهم في أحكام اللّه تعالى بالظنّ والاجتهاد ، فإنّه يستلزم الغلط في شيء من أحكام الحلال ۱ وشيء من أحكام الحرام عادةً .
(فَعَبَدُوهُمْ) أي فقلّدوهم ؛ وذلك عبادتهم إيّاهم .
(مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ) أي لا يعلمون أنّ تقليد غير مَن أذِنَ اللّهُ في تقليده ـ أي غير العالم الحجّة بين اللّه وبين المقلِّد ـ اتّباعٌ لرأيه وعبادة له .
إن قلت : إذا لم يعلموا ذلك لم يكفروا ؛ لأنّ تكليف غير العالم تكليف [بـ] ما لا يُطاق؟
قلت : تكليف غير العالم ليس تكليفا بما لا يُطاق ، إلّا في صورة عدم تمكّنه من العلم ، أو عدم إعلام وجوب ما إذا أطاع فيه أدّى إلى العلم على أنّهم فيما نحن فيه علموا بمعجزات النبيّ صلى الله عليه و آله وبنصّه من عند اللّه تعالى ، على أنّ القول على اللّه بغير علم بل بالرأي والاجتهاد حرام ، فعلموا أنّ تقليدهم حرام ، وأصرّوا على التقليد عمدا ، وإنّما المجهول عندهم كون التقليد عبادة لهم ؛ فليس هذا من تكليف [بـ] ما لا يُطاق في شيء .
وفي التفسير المنسوب إلى العسكري عليه السلام في قوله تعالى : «وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَا أَمَانِىَّ وَإِنْ هُمْ إِلَا يَظُنُّونَ»۲ حديث طويل وفي آخره : «أنّ من علم اللّه من قلبه من هؤلاء العوامّ أنّه لا يريد إلّا صيانة دينه وتعظيم وليّه لم يتركه في يد هذا المتلمّس ۳ الكافر ، ولكنّه يقيّض له مؤمنا يقف به على الصواب ، ثمّ يوفّقه اللّه للقبول منه ، فيجمع له بذلك خير الدنيا والآخرة ، ويجمع على مَن أضلّه لعن الدنيا وعذاب الآخرة» ۴ انتهى .

1.في «د» : «أو» .

2.البقرة (۲) : ۷۸ .

3.في حاشية «أ» : «تَلَمَّسَ : تطلب مرة بعد اُخرى» ، وفي المصدر : «الملبس» بدل : «المتلمّس» .

4.تفسير الإمام العسكري عليه السلام ، ص ۳۰۱ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 95753
صفحه از 602
پرینت  ارسال به