455
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

الخطاب ، ويقصده المتكلِّم في نفس خطابه ليعمل به ، سواء لم يكن الحكم الواقعي معلوما ولا مظنونا ، أم كان أحدهما ، كالضرب في : «لَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ»۱ ، وكالنبيذ في «الخمرُ حرام لسكره» .
ومثل هذين قد يسمّيان قياسا بطريق أولى وقياسا منصوص العلّة ، وذلك إذا اُريد بهما استنباط حكم ظنّي ، وكدخول باقي الرجال في ظاهر الجواب عن السؤال رجل فعل كذا وكذا أو في نصّه ونحو ذلك ، وكاستنباط المساحة في قولك : قست الثوب بالذراع .
وخرج بقولنا : «بحسب الدين» ما لاستنباط نحو حسن شرب بعض الأدوية للمريض ؛ أي نفعه له بحسب الدنيا .
وخرج بقولنا : «ظنّي» ما لاستنباط الأحكام القطعيّة .
وخرج بقولنا : «متعلّق بالأوّل» ما لاستنباط حكم هو نفس الأوّل ، كقولنا : الصلاة واجبة ؛ لقوله تعالى : «أَقِمْ الصَّلَاةَ»۲ . ومن هذا القبيل القياس باصطلاح المنطقيّين ، إلّا أنّه غير مخصوص باستنباط الحكم بالمعنى السابق .

[أقسام القياس]

والقياس قسمان :
الأوّل : أن يكون الحكم في المقيس مبنيّا على حكم في المقيس عليه مماثلاً له ، ويسمّى قياس المساواة .
الثاني : أن يكون مبنيّا عليه مخالفا له ، ويسمّى قياس العكس .
وقياس المساواة على ثلاثة أقسام :
الأوّل : أن يلاحظ فيه العلّة في المقيس عليه صريحا ، كما في قياس النبيذ على الخمر لعلّة السكر ، ويسمّى قياس العلّة .

1.الإسراء (۱۷) : ۲۳ .

2.هود (۱۱) : ۱۱۴ .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
454

«السُنّة : ما سنَّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، والبدعة : ما اُحدث من بعده ، والجماعة : أهل الحقّ وإن كانوا قليلاً ، والفرقة : أهل الباطل وإن كانوا كثيرا» ۱ انتهى .
«والرأي» بفتح الراء وسكون الهمزة والخاتمة : الظنّ الحاصل بالاجتهاد بدون أصل يُقاس عليه ، وجمعه «أرءاء» و«آراء» على القلب ، ولم يجمع ، مع أنّ سابقه ولاحقه جمع للإشارة إلى كثرة أنواع البدعة والمقيس وقلّة الرأي حتّى قال بعض أصحابنا : إنّ ما يجد المجتهدون أنفسهم عليه اعتقاد مبتدأ لا ظنّ عن أمارة ۲ ، أو لأنّه مصدر دونهما ، وجمع المصدر قليل .
«والمقاييس» بالخاتمتين جمع «مقيس» بردّه إلى أصله ، وهو مقيوس ـ كمحصور ومحاصير ـ تقول قاسه به وعليه وإليه، من باب ضرب ، قيسا بالفتح ، وقياسا بكسر القاف ، أي نسبه وأضافه إليه لاستنباط معنى ، سواء كان الاستنباط علميّا أم ظنّيا ، وسواء كان المعنى حكما بحسب الدِّين أم بحسب الدنيا ، أم غير حكم .
والمراد بالحكم الحسنُ والقبح وأقسامهما وما يتعلّق بهما ، ويسمّى الشيء الأوّل مقيسا ، والثاني ۳ مقيسا به ومقيسا عليه ومقيسا إليه .
هذا معنى القياس لغةً . وخصّ القياس في عرف الفقهاء بنسبة شيء إلى آخر لاستنباط حكم بحسب الدين ظنّي متعلّق بالأوّل .
خرج بقولنا : «الاستنباط» ما ليس للاستنباط ، بل للاتّعاظ والانزجار ، كما في قوله تعالى : «فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِى الْأَبْصَارِ»۴ ، فإنّه بعد قيام الدلالة القطعيّة على الحكم .
وخرج بقولنا : «حكم» ما لاستنباط غير الحكم ، كما في قوله تعالى في سورة المؤمنين : «وَإِنَّ لَكُمْ فِى الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً»۵ ، وكاستنباط كون بعض الأفعال ممّا يتناوله

1.معاني الأخبار ، ص ۱۵۵ ، باب معنى الجماعة والفرقة والسنة والبدعة ، ح ۳ .

2.الشافي في الامامة للمرتضى ، ج ۱ ، ص ۱۷۱ .

3.في «ج» : - «مقيسا والثاني» .

4.الحشر (۵۹) : ۲ .

5.المؤمنون (۲۳) : ۲۱ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 132350
صفحه از 602
پرینت  ارسال به