وهذا ليس نزاعا حقيقةً ، بل راجع إلى بيان وقوع الاستعمالين ، والرأي مساوق للاجتهاد ، فظاهر العنوان الأوّل .
الأوّل : (الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيُّ ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَشَّاءِ ؛ وَعِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ جَمِيعا ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ) ؛ بضمّ المهملة . (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام ، قَالَ : خَطَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام النَّاسَ ، فَقَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّمَا بَدْءُ)۱ ؛ بفتح الموحّدة وسكون المهملة والهمزة ، أي سبب .
(وُقُوعِ الْفِتَنِ) ؛ بكسر الفاء وفتح المثنّاة فوقُ ، جمع «فِتنة» بالكسر ، والمراد بها هنا الاختلاف في الفتوى والقضاء عن ظنّ . وقد يُراد بها الضلال أو الإضلال أو الكفر . ويحتمل أن يُراد بها هنا الامتحان والاختبار من اللّه تعالى مع خروج الممتحنين إلى القبيح ، فإنّ ما ذكر بقضاء اللّه .
(أَهْوَاءٌ) ؛ جمع «هوى» بالفتح مقصورٍ ، وهو ميل النفس إلى شيء .
(تُتَّبَعُ) ؛ بصيغة المجهول من باب الافتعال ، أي يَتْبَعُها صاحبوها ويعملون على مقتضاها . والمراد أنّ سبب وقوع الاختلافات الاجتهاديّة الظنّيّة في الحلال والحرام ليس إلّا اتّباع الأهواء ، وهو المعبّر عنه بتداكر العلم وبصفة الحلم فيما مضى في خامس السابع عشر . ۲(وَأَحْكَامٌ تُبْتَدَعُ) ؛ بصيغة المجهول من باب الافتعال ، من قبيل عطف التفسير . والمراد بابتداع الأحكام أن لا تكون عن أمارة ولا عن أصل تستند إليه ، فهي اعتقادات مبتدأة . وهذا إشارة إلى قوله تعالى في سورة النحل : «وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمْ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ»۳ .