457
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

وهذا ليس نزاعا حقيقةً ، بل راجع إلى بيان وقوع الاستعمالين ، والرأي مساوق للاجتهاد ، فظاهر العنوان الأوّل .
الأوّل : (الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيُّ ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَشَّاءِ ؛ وَعِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ جَمِيعا ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ) ؛ بضمّ المهملة . (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام ، قَالَ : خَطَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام النَّاسَ ، فَقَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّمَا بَدْءُ)۱ ؛ بفتح الموحّدة وسكون المهملة والهمزة ، أي سبب .
(وُقُوعِ الْفِتَنِ) ؛ بكسر الفاء وفتح المثنّاة فوقُ ، جمع «فِتنة» بالكسر ، والمراد بها هنا الاختلاف في الفتوى والقضاء عن ظنّ . وقد يُراد بها الضلال أو الإضلال أو الكفر . ويحتمل أن يُراد بها هنا الامتحان والاختبار من اللّه تعالى مع خروج الممتحنين إلى القبيح ، فإنّ ما ذكر بقضاء اللّه .
(أَهْوَاءٌ) ؛ جمع «هوى» بالفتح مقصورٍ ، وهو ميل النفس إلى شيء .
(تُتَّبَعُ) ؛ بصيغة المجهول من باب الافتعال ، أي يَتْبَعُها صاحبوها ويعملون على مقتضاها . والمراد أنّ سبب وقوع الاختلافات الاجتهاديّة الظنّيّة في الحلال والحرام ليس إلّا اتّباع الأهواء ، وهو المعبّر عنه بتداكر العلم وبصفة الحلم فيما مضى في خامس السابع عشر . ۲(وَأَحْكَامٌ تُبْتَدَعُ) ؛ بصيغة المجهول من باب الافتعال ، من قبيل عطف التفسير . والمراد بابتداع الأحكام أن لا تكون عن أمارة ولا عن أصل تستند إليه ، فهي اعتقادات مبتدأة . وهذا إشارة إلى قوله تعالى في سورة النحل : «وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمْ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ»۳ .

1.في حاشية «أ» : «إمّا بالموحّدة والمهملة المضمومتين والواو المشدّدة مصدر بدأ يبدو : إذا ظهر ، وإمّا بفتح الموحّدة وتسكين المهملة والهمز أخيرا ، وفق ما في نهج البلاغة المكرمة من بدأت الشيء (م ح ق)» .

2.أي الحديث ۵ من باب النوادر .

3.النحل (۱۶) : ۱۱۶ .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
456

الثاني : أن يلاحظ فيه ما يلازم العلّة ، كما في قياس النبيذ على الخمر لرائحة المشتدّ .
الثالث : أن يلاحظ فيه نفي الفارق ، ويسمّى القياس بتنقيح المناط ، والقياس في معنى الأصل والقياس بنفي الفارق .
ولا يخفى أنّ القسمين الأوّلين يجريان في قياس العكس أيضا .
وقياس العكس على قسمين :
الأوّل : ما يثبت فيه نقيض حكم الأصل بنقيض علّة حكم الأصل ، نحو : الوتر يؤدّى على الراحلة ؛ لأنّه نفل قياسا على صلاة الصبح لمّا كانت فرضا لم تؤدّ على الراحلة . ۱
الثاني : ما يثبت فيه نقيض حكم الأصل بنقيض معلول حكم الأصل ، نحو : الوتر نفل ؛ لأنّه يؤدّى على الراحلة قياسا على صلاة الصبح لمّا كانت فرضا لم تؤدّ على الراحلة .
ثمّ القياس جليّ وخفيّ ؛ والجليّ : قياس الأولويّة وقياس منصوص العلّة ، والخفيّ : ما عداهما . وأمّا إذا كان نفي الفارق معلوما قطعا مع العلم بحكم الأصل ، فهو خارج عن حدّ القياس المتنازع فيه ؛ لأنّه يفيد القطع بالحكم ، وحينئذٍ يسمّى تنقيح المناط في الدلالة وتشبيها أيضا ، كما يجيء في «كتاب التوحيد» في رابع «باب في إبطال الرؤية» من قوله عليه السلام : «وكان ذلك التشبيه ؛ لأنّ الأسباب لابدّ من إتّصالها ۲ بالمسبّبات» . ويظهر بذلك كثرة أنواع القياس .
والمراد بالمقاييس هنا ما اُثبت بالقياس من الأحكام .
قيل : وفي الفقهاء من فَصَلَ بين القياس والاجتهاد ۳ ، وفيهم مَن أدخل القياس في الاجتهاد وجعل الاجتهاد أعمّ منه . ۴ انتهى .

1.اُنظر: وسائل الشيعة ، ج ۴ ، ص ۳۲۵ ، باب ۱۴ ، باب عدم جواز صلاة الفريضة والمنذورة على الراحلة .

2.في «أ ، ج» : «إيصالها» .

3.في حاشية النسخ : «ذكر مضمونه السيد المرتضى في الذريعة» . الذريعة ، ج ۲ ، ص ۶۶۹ ، فصل في القياس والاجتهاد .

4.الذريعة للسيد المرتضى ، ج ۲ ، ص ۶۷۲ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 132344
صفحه از 602
پرینت  ارسال به