463
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

قال : «فلمّا رأى ذلك عمد إلى سلسلة ، فأوتد لها وتدا ، ثمّ جعلها في عنقه فقال : لا أحلّها حتّى يتوب اللّه عليَّ» .
قال : «فأوحى اللّه إلى نبيٍّ من أنبيائه أن قُل لفلان بن فلان : وعزّتي لو دعوتني حتّى تنقطع أوصالك ما استجبت لك حتّى تردّ مَن مات على ما دعوته إليه فيرجع عنه» . ۱
فإنّ ظاهر سياق الحديث أنّه لم يمت أحد ممّن استجاب له موتَ فناء ، بل إنّما مات موتَ كفر ونفاق ، فـ «على» في قوله : «من مات على ما دعوته» بنائيّة ، والمقصود أنّ انتفاء رجوعهم لانتفاء إخلاصك في قولك : «إنّ ۲ الذي دعوتكم إليه باطل» إلى آخره ، ففعلك هذا مخادعة اللّه . فلا ينافي هذا الحديث آيات قبول اللّه التوبة عن عباده .
الخامس : (مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللّهِ عليه السلام يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : إِنَّ عِنْدَ كُلِّ بِدْعَةٍ تَكُونُ مِنْ بَعْدِي) .
المراد إمّا عصر الصحابة ، فيكون أمرا لهم بالرجوع إلى أهل البيت عليهم السلام في الاُمور المختلَف فيها ؛ فإنّ الأصحاب الذين روى البخاري وغيره فيهم أنّهم لم يزالوا مرتدّين على أعقابهم منذ فارقهم رسول اللّه صلى الله عليه و آله قد أسّسوا أساس كلّ بدعة ؛ وإمّا إلى آخر الزمان .
(يُكَادُ بِهَا الْاءِيمَانُ) ؛ بصيغة مجهول من باب ضرب ، صفة اُخرى لبدعة . والكيد بالفتح : المكر ، أي التغليط والتلبيس . والإيمان : التصديق بالحقّ المعلوم بالآيات البيّنات المحكمات الناهية عن اتّباع الظنّ أو الحقّ نفسه أو أهله .
(وَلِيّا) . الوليّ فعيل من باب حسب : ضدّ العدوّ ، من الولي ـ بفتح الواو وسكون اللام ـ : القرب والدنوّ . والوليُّ أيضا مَنْ وَليَ أمرَ أحد ، مِنْ وَلِيَ الوالي البلد ، فإن جعل الوليّ هنا من الأوّل ، فالمراد وليّ اللّه ، وإن جعل من الثاني فالمراد وليّ الناس ، أي القائم باُمورهم .

1.المحاسن ، ج ۱ ، ص ۲۰۷ ، باب البدع ، ح ۷۰ .

2.في «ج» : - «إنّ» .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
462

ذَا بِدْعَةٍ فَعَظَّمَهُ) أي بدون تقيّة (فَإِنَّمَا يَسْعى فِي هَدْمِ الْاءِسْلَامِ) ؛ لأنّ تعظيمه يعينه على البدعة التي هي هادمة للإسلام .
الرابع : (وَبِهذَا الْاءِسْنَادِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ رَفَعَهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : أَبَى اللّهُ لِصَاحِبِ الْبِدْعَةِ) أي للمزاول لها (بِالتَّوْبَةِ) ؛ الباء زائدة لتقوية التعدية ، والمراد أنّه 1 لا يوفّقه اللّه تعالى للتوبة .
(قِيلَ : يَا رَسُولَ اللّهِ ، وَكَيْفَ ذلِكَ؟) أي بأيّ سبب لا يوفّق للتوبة؟
(قَالَ : إِنَّهُ) ؛ بكسر الهمزة ، والضمير للشأن أو لصاحب البدعة . (قَدْ أُشْرِبَ) ؛ بصيغة المجهول أو المعلوم ، وفاعله هو اللّه بقضائه أو الشيطان بإغوائه ، كما في قوله : «فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللّهِ» ، والمنسي حقيقة هو اللّه . (قَلْبُهُ) ؛ بالرفع أو النصب . (حُبَّهَا) .
يُقال : اُشرب فلان حبَّ فلان ، أي خالط قلبه . والمقصود أنّه لا يتوب حقيقةً للإشراب وإن أظهر التوبة .
ويمكن أن يُحمل على هذا ما روى البرقي في كتاب المحاسن عن أبي عبداللّه عليه السلام أنّه قال : «كان رجل في الزمان الأوّل طلب الدنيا من حلال فلم يقدر عليها ، فطلبها حراما فلم يقدر عليها ، فأتاه الشيطان فقال : يا هذا قد طلبت الدنيا من حلال فلم تقدر عليها ، وطلبتها من حرام فلم تقدر عليها ، أفلا أدلّك على شيء يكثر به دنياك ويكثر به تبعك؟ قال : نعم ، قال : تبتدع دينا وتدعو إليه الناس ، ففعل ، فاستجاب له الناس وأطاعوه وأصاب من الدنيا» .
قال : «ثمّ إنّه فكّر وقال : ما صنعت شيئا ، ابتدعت دينا ودعوت الناس إليه ، ما أرى لي توبة إلّا أن آتي مَن دعوته إليه فأردّه عنه» .
قال : «فجعل يأتي أصحابه الذين أجابوه ، فيقول : إنّ الذي دعوتكم إليه باطل ، وإنّما ابتدعته كذبا ، فجعلوا يقولون له : كذبت ، هو الحقّ ولكنّك شككت في دينك فرجعت عنه» .

1.في «د» : - «أنّه» .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 127925
صفحه از 602
پرینت  ارسال به