قال : «فلمّا رأى ذلك عمد إلى سلسلة ، فأوتد لها وتدا ، ثمّ جعلها في عنقه فقال : لا أحلّها حتّى يتوب اللّه عليَّ» .
قال : «فأوحى اللّه إلى نبيٍّ من أنبيائه أن قُل لفلان بن فلان : وعزّتي لو دعوتني حتّى تنقطع أوصالك ما استجبت لك حتّى تردّ مَن مات على ما دعوته إليه فيرجع عنه» . ۱
فإنّ ظاهر سياق الحديث أنّه لم يمت أحد ممّن استجاب له موتَ فناء ، بل إنّما مات موتَ كفر ونفاق ، فـ «على» في قوله : «من مات على ما دعوته» بنائيّة ، والمقصود أنّ انتفاء رجوعهم لانتفاء إخلاصك في قولك : «إنّ ۲ الذي دعوتكم إليه باطل» إلى آخره ، ففعلك هذا مخادعة اللّه . فلا ينافي هذا الحديث آيات قبول اللّه التوبة عن عباده .
الخامس : (مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللّهِ عليه السلام يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : إِنَّ عِنْدَ كُلِّ بِدْعَةٍ تَكُونُ مِنْ بَعْدِي) .
المراد إمّا عصر الصحابة ، فيكون أمرا لهم بالرجوع إلى أهل البيت عليهم السلام في الاُمور المختلَف فيها ؛ فإنّ الأصحاب الذين روى البخاري وغيره فيهم أنّهم لم يزالوا مرتدّين على أعقابهم منذ فارقهم رسول اللّه صلى الله عليه و آله قد أسّسوا أساس كلّ بدعة ؛ وإمّا إلى آخر الزمان .
(يُكَادُ بِهَا الْاءِيمَانُ) ؛ بصيغة مجهول من باب ضرب ، صفة اُخرى لبدعة . والكيد بالفتح : المكر ، أي التغليط والتلبيس . والإيمان : التصديق بالحقّ المعلوم بالآيات البيّنات المحكمات الناهية عن اتّباع الظنّ أو الحقّ نفسه أو أهله .
(وَلِيّا) . الوليّ فعيل من باب حسب : ضدّ العدوّ ، من الولي ـ بفتح الواو وسكون اللام ـ : القرب والدنوّ . والوليُّ أيضا مَنْ وَليَ أمرَ أحد ، مِنْ وَلِيَ الوالي البلد ، فإن جعل الوليّ هنا من الأوّل ، فالمراد وليّ اللّه ، وإن جعل من الثاني فالمراد وليّ الناس ، أي القائم باُمورهم .