465
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

(فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ) . أمرٌ بالتفكّر ۱ في عاقبة الاُمور ، أو هو كلام أبي عبداللّه عليه السلام ، وهو تعجّب من أمر الاُمّة حيث إنّهم مع سماعهم أمثال هذه من نبيّهم كيف تركوا أهل بيته ، واستندوا في جميع أحكامهم إلى أهوائهم وآرائهم ومقاييسهم وقلّدوا مجتهديهم ، بل خذلوا أهل بيته وقتلوهم .
والاعتبار : الاتّعاظ والتدبّر في عاقبة الشيء ، والمخالفون يفسّرونه بالقياس المتنازع فيه في الأحكام الشرعيّة . ومضى في شرح عنوان الباب ما يكفي في دفعه .
(وَتَوَكَّلُوا عَلَى اللّهِ) ؛ للاحتراز عن مثل هذا الخذلان .
إن قلت : إذا كان المراد بقوله : «من بعدي» إلى آخر الزمان ، لم ينطبق على حال زمان غيبة الإمام .
قلت : المراد بقوله : «يذبّ» إلى آخره ، أنّه يذبّ إذا سُئل وروجع إليه ومُكِّن في الأرض .
وأيضا منصب الكائدين في هذا البحث الاستدلال إمّا معارضةً ، وإمّا نقضا إجماليّا لوجود الآيات البيّنات المحكمات ، فيكفي في دفعه احتمال تحقّق وليّ ناطق بإلهامٍ من اللّه ، غائب بسبب حدث المبطلين ، فهو ذابّ من هذه الحيثيّة ؛ وبعد التجاوز نقول : لا نسلّم أنّ الإمام الغائب عن جمع غائبٌ عن كلّ جمع ، كما يجيء في «كتاب الحجّة» في سادس عشر «باب في الغيبة» فلعلّه يذبّ في الجملة .
السادس : ( مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ ؛ وَعَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ مَسْعَدَةَ) ؛ بفتح الميم وسكون السين المهملة وفتح العين المهملة والدال المهملة والهاء . (بْنِ صَدَقَةَ ) ؛ بالصاد المهملة والدال المهملة والقاف المفتوحات والهاء . (عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ؛ وَعَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ رَفَعَهُ) أي إلى أبي عبداللّه عليه السلام .
(عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام أَنَّهُ قَالَ : إِنَّ مِنْ أَبْغَضِ الْخَلْقِ إِلَى اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ) . البغض ضدّ الحبّ ، تقول : فلان باغض لي : إذا مَقَتَك ، ومبغوض إليّ : إذا مَقَتَّهُ .

1.في «ج ، د» : «بالفكر» .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
464

(مِنْ أَهْلِ بَيْتِي) ؛ هم : عليّ وفاطمة والحسن والحسين ومن يجري مجراهم بعدهم من الأئمّة الطاهرين ، ويحتمل أن يكون المراد هنا ما يعمّهم وأولادهم ، فإنّ «من» للتبعيض .
(مُوَكَّلاً) ؛ بصيغة اسم المفعول من باب التفعيل ، يُقال : وكّلته بأمر كذا توكيلاً ، أي جعلته حافظا له . (بِهِ ) أي بالإيمان .
(يَذُبُّ عَنْهُ) ؛ بالمعجمة وشدّ الموحّدة بصيغة معلوم باب نصر ، أي يدفع عن الإيمان كيد المبطلين أهل البدعة .
(يَنْطِقُ) ـ كيضرب ـ استئنافٌ بياني لقوله : «يذبّ» أي يتكلّم في مقام الإفتاء والقضاء ونحوهما .
(بِإِلْهَامٍ مِنَ اللّهِ) . الإلهام: إلقاء تصوّر شيء في القلب وقت الحاجة ، والمراد هنا تحديث الملائكة في ليلة القدر ونحوها ، وهو إحضارهم جميع الدلائل القرآنيّة على مسائل الحلال والحرام المحتاج إليها في كلّ سنة سنة عند وليّ تلك السنة لئلّا يحكم في شيء من المسائل عن ظنّ ؛ يعني أنّ كيد المبطلين هو أنّه لا يمكن العلم في أكثر مسائل الحلال والحرام في هذه الأزمان مع حاجة الناس إلى المفتي والقاضي ، فلابدّ من جواز الحكم عن ظنّ ، وهذا الكيد يبطل بالعلم بتحقّق وليّ ناطق عن اللّه بإلهام منه في كلّ زمان إلى انقراض التكليف ، ويظهر به الحقّ المعلوم بالآيات البيّنات المحكمات .
ولذا قال :
(وَيُعْلِنُ الْحَقَّ ، وَيُنَوِّرُهُ) . الإعلان : الإظهار ، والتنوير : البيان .
(وَيَرُدُّ كَيْدَ الْكَائِدِينَ) أي يدفع عن كلّ ما ينطق به شُبه المبطلين أهل البدعة عقليّاتهم ونقليّاتهم .
(يُعَبِّرُ) ؛ بالمهملة والموحّدة ومهملة ، تقول : عبّرت عن فلان تعبيرا : إذا تكلّمت عنه .
(عَنِ الضُّعَفَاءِ) أي عن المؤمنين الذين لم يزاولوا طرق الاستدلال ودفع الشُّبه .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 127912
صفحه از 602
پرینت  ارسال به