(خَيْرٌ مِمَّا كَثُرَ) ؛ بمثلّثة ومهملة بصيغة الماضي المعلوم من باب حسن ، وهذا كناية عن أنّ تركه رأسا خيرٌ من الشروع فيه ، وهذا مشاهد في جمع صرفوا دهرهم في تحصيل الجهالات لا يمكن صرفهم إلى الحقّ أصلاً ، ولا يثمر مكالمتهم ولا رؤيتهم للمؤمن إلّا الأسف ، وأمّا المبتدئ ومَن لم يحصّل تلك أصلاً فأطوع للحقّ .
(حَتّى إِذَا ارْتَوى مِنْ آجِنٍ) . يُقال : روى من الماء بالكسر وارتوى وتروّى : إذا شربه بقدر حاجته ، وكذا إذا أخذه . ۱ والآجن على وزن فاعل : الماء المتغيّر الطعم واللون ۲ ؛ شبّه جهالاتهم به بمناسبة أنّ العلم يشبَّه بالماء في أنّه سبب الحياة .
(وَاكْتَنَزَ) . يُقال : اكتنز الشيء : إذا اجتمع وامتلأ . ۳ والضمير المستتر فيه لآجن أو للرجل ، والنسبة مجاز ، وقيل : أي اتّخذ العلم كنزا . ۴(مِنْ غَيْرِ طَائِلٍ) أي بغير فائدة .
(جَلَسَ بَيْنَ النَّاسِ قَاضِيا) . القضاء : الفصل بين متنازعين في دين أو ميراث أو نحوهما .
(ضَامِنا لِتَخْلِيصِ مَا الْتَبَسَ عَلى غَيْرِهِ) . تقول : خلصته من شوب كذا تخليصا : إذا نحيت الشوب عنه ، والفرق بينه وبين التلخيص أنّ الأوّل إبعاد الأجنبيّ ، والثاني إبعاد غير الأجنبيّ . وقيل : هو والتلخيص متقاربان ، ولعلّهما شيءٌ واحد من المقلوب . ۵
انتهى . والمراد هنا التخليص من الشبهة والالتباس ، أي مفتيا فهو جامع لمنصبي القضاء والإفتاء .
(وَإِنْ خَالَفَ قَاضِيا سَبَقَهُ) أي زمانا إلى القضاء في قضيّة . ۶
1.لسان العرب ، ج ۱۴ ، ص ۳۴۵ ؛ مختار الصحاح ، ص ۱۴۳ ؛ القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۳۳۷ (روى) .
2.الصحاح ، ج ۵ ، ص ۲۰۶۷ ؛ النهاية ، ج ۱ ، ص ۲۶ ؛ لسان العرب ، ج ۱۳ ، ص ۸ (أجن) .
3.الصحاح ، ج ۳ ، ص ۸۹۳ (كنز) . وانظر: كتاب العين ، ج ۵ ، ص ۳۲۱ ؛ لسان العرب ، ج ۵ ، ص ۴۰۱ (كنز) .
4.في حاشية «أ» : «القائل ابن أبي الحديد» . شرح نهج البلاغة ، ج ۱ ، ص ۲۸۴ .
5.غريب الحديث لابن قتيبة ، ج ۱ ، ص ۳۶۱ ؛ شرح نهج البلاغة ، ج ۱ ، ص ۲۸۴ .
6.في «ج» : «قضيته» .