475
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

وضوح المذهب ، فإنّه من الأضداد . ولكلٍّ وجه هنا ، فإنّ تحقّق المذهب مجملاً واضح من محكمات القرآن ، والعلم بخصوصيّته في مسألة مسألة دقيق جدّا .
(مَا بَلَغَ فِيهِ) . «ما» موصولة وعبارة عن الآجن ، و«بلغ» ـ كنصر ـ يتعدّى إلى المفعول به بنفسه ، ومفعوله محذوف ؛ أي بلغ مراده وهو الارتواء ، والضمير المستتر المرفوع للرجل ، والضمير المجرور لـ «ما» . وفي نهج البلاغة : «ما بلغ منه» . ۱ فيحتمل حينئذٍ أن يكون الضمير المستتر المرفوع لـ «ما» والضمير المجرور للرجل ، يُقال : بلغت من زيد ، أي أعجزته بحيث لم يقدر على دفع ضرري عن نفسه أصلاً ، والمفعول محذوف ، أي ما أردت أوكلّ مبلغ .
(مَذْهَبا) أي طريقة استنباط للفروع يفضي بصاحبها إلى علم بالفروع ، لا ظنّ ، كما في قوله تعالى في سورة النساء : «وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَ إِلى أُولِى اْلأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ»۲ .
(إِنْ قَاسَ شَيْئا بِشَيْءٍ) . استئنافٌ بياني لقوله : «هيّأ لها حشوا» إلى آخره ، فالمراد بشيء في الموضعين مسألة .
(لَمْ يُكَذِّبْ) ؛ إمّا بصيغة المعلوم من باب التفعيل أو الإفعال ، وفيه ضمير الفاعل ، يُقال : كذّبه تكذيبا وأكذبه : إذا زعمه كاذبا ؛ وإمّا بصيغة المعلوم من باب التفعيل ولا ضمير فيه ، من كذّب الوحشي : إذا جرى شوطا فوقف ؛ وإمّا بصيغة المجهول من باب التفعيل أو الإفعال ولا ضمير فيه .
(نَظَرَهُ) ؛ بالنصب على المفعوليّة ، أو الرفع على الفاعليّة أو على نيابة الفاعل . والمراد بنظره : قياسه . وفيه مجاز في الإسناد ، كما في قولك : لم يقطع سيف زيد إذا نبا ، أي إذا قاس حَكَمَ بسبب القياس ولم يكذب نفسه فيه .
وفي هذه الفقرة إشارة إلى كمال وهن القياس .

1.نهج البلاغة ، ص ۵۴ ، الخطبة ۱۷ . وفيه : «أنّ مِن وراء ما بَلَغَ مذهبا لغيره» .

2.النساء (۴) : ۸۳ .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
474

(أَمْ أَخْطَأَ) . والمراد إصابة الحكم الواقعي في حقّ المستفتي مثلاً وأخطاؤه ، ويحتمل أن يكون المراد إصابة الحكم الواصلي في حقّ نفسه باعتبار إفتائه مثلاً وإخطائه .
(لَا يَحْسَبُ الْعِلْمَ فِي شَيْءٍ) أي لا يظنّ أو لا يعلم ، وهو بصيغة المضارع المعلوم من باب علم . قال الجوهري : «وهو من الأربعة النوادر التي جاء كسر العين أيضا في مضارعها ، وهي من السالم، كيبس ويئس ونَعِمَ» ۱ انتهى .
ولعلّ مراده بالسالم ما لا يحذف فاؤها في المضارع . ومصدره «الحِسبان» بالكسر ، ولو كان بمعنى لا يعُدّ ، لكان من باب نصر لا غير ، ومصدره «الحُسبان» بالضمّ ، وهو استئناف بياني للاستئناف الأوّل أو لقوله : «هيّأ» إلى آخره ، كأنّ سائلاً قال : بِمَ تسلّت نفسه؟ فاُجيب : بأنّها تسلّت بزعمه أنّ غاية مجهود كلّ أحد الاجتهاد والظنّ ، ولا يتحقّق في أحدٍ العلمُ بما ليس من ضروريّات الدِّين من الفروع التي اجتهد فيها .
(مِمَّا أَنْكَرَ) ؛ بصيغة المعلوم من باب الإفعال ، أي لم يعرفه ؛ لأنّه لا يدري أصاب أم أخطأ ، أو لم يعتقده ؛ وحينئذٍ تخصيصه بالذِّكر مع أنّه لا يحسب العلم في شيء ممّا اعتقده أيضا ؛ لأنّ المناط للتسلّي الأوّلُ دون الثاني .
(وَلَا يَرى) أي لا يظنّ من الرأي بمعنى المذهب ، أو لا يعلم كقوله تعالى : «إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدا * وَنَرَاهُ قَرِيبا»۲ ؛ الأوّل للظنّ ، والثاني للعلم .
(أَنَّ وَرَاءَ) ؛ بفتح الواو . وقيل : من المهموز . ۳ وقيل : من المعتلّ اللام . ۴ وهو منصوب على الظرفيّة إمّا بمعنى «خلف» كقولك : زيد في وراء الجدار ، وهو إشارة إلى دقّة المذهب ؛ وإمّا بمعنى «قدّام» كقوله تعالى : «وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ»۵ ؛ ۶ فهو إشارة إلى

1.الصحاح ، ج ۱ ، ص ۱۱۲ (حسب) .

2.المعارج (۷۰) : ۶ ـ ۷ .

3.في حاشية «أ ، ج» : «صاحب القاموس» . القاموس ، ج ۱ ، ص ۱۷ .

4.في حاشية «أ» : «القائل: الجوهري في الصحاح» . الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۵۲۲ (ورى) .

5.الكهف (۱۸) : ۷۹ .

6.في حاشية «أ» : «هدد بن بدد ـ كزفر ـ : الملك الذي كان يأخذ كلّ سفينة غصبا ؛ عن البخاري (ق)» . القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۳۴۸ (هدد) .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 127644
صفحه از 602
پرینت  ارسال به