481
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

محدثة بدعة في شرح عنوان الباب .
والمراد بالضلالة الكفر الباطني مع ظاهر الإيمان والشهادة بأنّ الرسول حقّ ، وإنّما كان كلّ بدعة ضلالة لأنّ كلّ بدعة بالمعنى الذي مضى وضع شريعة في مقابلة ما جاء به الرسول عليه السلام .
وفي نهاية ابن الأثير من المخالفين :
في حديث عمر في قيام رمضان نعمت البدعة ، هذه البدعة بدعتان : بدعة هدى ، وبدعة ضلال ، فما كان في خلاف ما أمر اللّه به ورسوله فهو في حيّز الذمّ والإنكار ، وما كان واقعا تحت عموم ما ندب اللّه إليه وحضّ عليه [اللّه ] أو رسوله فهو في حيّز المدح ، وما لم يكن له مثال موجود كنوع من الجود والسخاء وفعل المعروف فهو من الأفعال المحمودة ، ولا يجوز أن يكون ذلك في خلاف ما ورد الشرع به ؛ لأنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قد جعل له في ذلك ثوابا فقال : «مَن سنَّ سنّة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها» ۱ وقال في ضدّه : مَن سنَّ سنّة سيّئة كان عليه وزرها ووزر مَن عمِلَ بها ؛ وذلك إذا كان في خلاف ما أمر اللّه به ورسوله . ومن هذا النوع قول عمر : نعمت البدعة هذه لِما كانت من أفعال الخير وداخلة في حيّز المدح . سمّاها بدعة لأنّ النبيّ صلى الله عليه و آله لم يسنّها لهم ، وإنّما صلّاها ليالي ثمّ تركها ولم يحافظ عليها ، ولا جمعَ الناس لها ، ولا كانت في زمن أبي بكر ، وإنّما عمر جمع الناس عليها وندبهم إليها ، فبهذا سمّاها بدعة ، وهي على الحقيقة سنّة ؛ لقوله صلى الله عليه و آله : «عليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الراشدين من بعدي ۲ » وقوله : «اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر» ۳ وعلى هذا التأويل يحمل الحديث الآخر : «كلّ محدثة بدعة» إنّما يريد

1.الكافي ، ج ۵ ، باب وجوه الجهاد ، ح ۱ ؛ تهذيب الأحكام ، ج ۶ ، ص ۱۲۴ ، باب أقسام الجهاد ، ح ۱ ؛ المحاسن ، ج ۱ ، ص ۲۸ ، ح ۸ ؛ الأمالي للمفيد ، ص ۹۱ ، المجلس ۲۳ ، ح ۱۹ ؛ أعلام الدين ، ص ۳۸۹ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱۵ ، ص ۲۴ ، ح ۱۹۹۳۷ ؛ صحيح مسلم ، ج ۳ ، ص ۸۷ ؛ مسند أحمد ، ج ۴ ، ص ۳۵۷ و ۳۶۲ ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج ۴ ، ص ۱۷۶ .

2.مسند أحمد ، ج ۴ ، ص ۱۲۶ ؛ المستدرك للحاكم ، ج ۱ ، ص ۹۶ ، عمدة القارى للعيني ، ج ۲۳ ، ص ۲۶۶ . وللسيد علي الميلاني رسالة في هذا الحديث مطبوعة من الرسائل العشر .

3.مسند احمد ، ج ۵ ، ص ۳۸۲ ، حديث حذيفة بن اليمان ؛ سنن ابن ماجة ، ج ۱ ، ص ۳۷ ، فضل أبي بكر ؛ سنن الترمذي ، ج ۵ ، ص ۳۳۲ . وللسيد على الميلاني رسالة في هذا الحديث مطبوعة ضمن الرسائل العشر .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
480

(الْخُرَاسَانِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللّهِ عليه السلام يَقُولُ : إِنَّ أَصْحَابَ الْمَقَايِيسِ) . مضى معناها في شرح عنوان الباب .
(طَلَبُوا الْعِلْمَ) أي العلم الذي اُمروا بطلبه ، وهو الذي لا يجوز العمل إلّا معه ، وهو العلم بالأحكام الواصليّة ، فإنّ الأحكام الواقعيّة مظنونة عندهم .
(بِالْمَقَايِيسِ) . الباء للسببيّة ، والظرف متعلّق بـ «طلبوا» أي جعلوها ذريعة إلى العلم بالأحكام الواصليّة ، ولو حمل المقاييس في هذا الحديث على أنّها جمع «مقياس» كمفاتيح ومفتاح واُريد بها قواعد أهل القياس ، لأمكن كون الباء صلةً ، والظرف متعلّقا بالعلم .
(فَلَمْ تَزِدْهُمُ الْمَقَايِيسُ مِنَ الْحَقِّ إِلَا بُعْدا) . يُقال : زاده اللّه خيرا ـ كباعه ـ فزاد وازداد خيرا . و«من» للنسبة كقوله : «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى» . ۱ والحقّ : المعلوم بالآيات البيّنات المحكمات الناهية عن اتّباع الظنّ ، وما يتفرّع عليه من العلوم الحاصلة بسؤال أهل الذِّكر . والاستثناء مفرّغ ، و«بُعدا» تمييز للنسبة أو مفعول ثان .
(إِنَّ۲دِينَ اللّهِ) أي ما شرّعه لعباده من الأحكام الواصليّة أو من الأحكام الواقعيّة (لَا يُصَابُ بِالْمَقَايِيسِ) . تأكيدٌ وتوضيح لما سبقه .
الثامن : (عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ؛ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ رَفَعَهُ ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَأَبِي عَبْدِ اللّهِ عليهماالسلام ، قَالَا : كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ ، وَكُلُّ ضَلَالَةٍ سَبِيلُهَا إِلَى النَّارِ) .
هذا مطابق لما روى المخالفون أيضا عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله أنّه قال : «كلّ محدثة بدعة ، وكلّ بدعة ضلالة ، وكلّ ضلالة صاحبها في النار» ۳ . ومضى معنى البدعة ، ومعنى كلّ

1.صحيح البخاري ، ج ۵ ، ص ۱۲۹ ، باب غزوة تبوك ؛ صحيح مسلم ، ج ۷ ، ص ۱۲۰ ، باب من فضائل عليّ عليه السلام ؛ مسند أحمد ، ج ۱ ، ص ۱۷۰ ، مسند أبي إسحاق سعد بن أبي وقّاص.

2.في الكافي المطبوع : «وإنّ» .

3.المعجم الكبير للطبراني ، ج ۹ ، ص ۹۷ ، خطبة ابن مسعود ؛ الجامع الصغير ، ج ۱ ، ص ۲۴۳ ، ح ۱۶۰۴ ؛ كنزالعمّال ، ج ۱۱ ، ص ۱۰ ، ح ۳۰۴۰۵ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 119284
صفحه از 602
پرینت  ارسال به