محدثة بدعة في شرح عنوان الباب .
والمراد بالضلالة الكفر الباطني مع ظاهر الإيمان والشهادة بأنّ الرسول حقّ ، وإنّما كان كلّ بدعة ضلالة لأنّ كلّ بدعة بالمعنى الذي مضى وضع شريعة في مقابلة ما جاء به الرسول عليه السلام .
وفي نهاية ابن الأثير من المخالفين :
في حديث عمر في قيام رمضان نعمت البدعة ، هذه البدعة بدعتان : بدعة هدى ، وبدعة ضلال ، فما كان في خلاف ما أمر اللّه به ورسوله فهو في حيّز الذمّ والإنكار ، وما كان واقعا تحت عموم ما ندب اللّه إليه وحضّ عليه [اللّه ] أو رسوله فهو في حيّز المدح ، وما لم يكن له مثال موجود كنوع من الجود والسخاء وفعل المعروف فهو من الأفعال المحمودة ، ولا يجوز أن يكون ذلك في خلاف ما ورد الشرع به ؛ لأنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قد جعل له في ذلك ثوابا فقال : «مَن سنَّ سنّة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها» ۱ وقال في ضدّه : مَن سنَّ سنّة سيّئة كان عليه وزرها ووزر مَن عمِلَ بها ؛ وذلك إذا كان في خلاف ما أمر اللّه به ورسوله . ومن هذا النوع قول عمر : نعمت البدعة هذه لِما كانت من أفعال الخير وداخلة في حيّز المدح . سمّاها بدعة لأنّ النبيّ صلى الله عليه و آله لم يسنّها لهم ، وإنّما صلّاها ليالي ثمّ تركها ولم يحافظ عليها ، ولا جمعَ الناس لها ، ولا كانت في زمن أبي بكر ، وإنّما عمر جمع الناس عليها وندبهم إليها ، فبهذا سمّاها بدعة ، وهي على الحقيقة سنّة ؛ لقوله صلى الله عليه و آله : «عليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الراشدين من بعدي ۲ » وقوله : «اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر» ۳ وعلى هذا التأويل يحمل الحديث الآخر : «كلّ محدثة بدعة» إنّما يريد
1.الكافي ، ج ۵ ، باب وجوه الجهاد ، ح ۱ ؛ تهذيب الأحكام ، ج ۶ ، ص ۱۲۴ ، باب أقسام الجهاد ، ح ۱ ؛ المحاسن ، ج ۱ ، ص ۲۸ ، ح ۸ ؛ الأمالي للمفيد ، ص ۹۱ ، المجلس ۲۳ ، ح ۱۹ ؛ أعلام الدين ، ص ۳۸۹ ؛ وسائل الشيعة ، ج ۱۵ ، ص ۲۴ ، ح ۱۹۹۳۷ ؛ صحيح مسلم ، ج ۳ ، ص ۸۷ ؛ مسند أحمد ، ج ۴ ، ص ۳۵۷ و ۳۶۲ ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج ۴ ، ص ۱۷۶ .
2.مسند أحمد ، ج ۴ ، ص ۱۲۶ ؛ المستدرك للحاكم ، ج ۱ ، ص ۹۶ ، عمدة القارى للعيني ، ج ۲۳ ، ص ۲۶۶ . وللسيد علي الميلاني رسالة في هذا الحديث مطبوعة من الرسائل العشر .
3.مسند احمد ، ج ۵ ، ص ۳۸۲ ، حديث حذيفة بن اليمان ؛ سنن ابن ماجة ، ج ۱ ، ص ۳۷ ، فضل أبي بكر ؛ سنن الترمذي ، ج ۵ ، ص ۳۳۲ . وللسيد على الميلاني رسالة في هذا الحديث مطبوعة ضمن الرسائل العشر .