وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ» 1 .
(فَقَالَ : يَا يُونُسُ ، لَا تَكُونَنَّ مُبْتَدِعا) ؛ بصيغة الفاعل من باب الافتعال ، ومضى معناه في شرح عنوان الباب ، وإنّما كان المبتدع مشركا لأنّه عبدَ نفسه من حيث لا يعلم ؛ لأنّه جعل نفسه شريكا للّه في الحكم في الدين ، قال تعالى في سورة الأنعام : «إِنْ الْحُكْمُ إِلَا للّهِِ» 2 ، وقال فيها : «اتَّبِعْ مَا أُوحِىَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لَا إِلَهَ إِلَا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنْ الْمُشْرِكِينَ» 3 . والمبتدع ينكر كونه مشركا ؛ لعدم التفاته إلى افترائه ، قال تعالى فيها : «قَالُوا وَاللّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ * انظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ» 4 .
(مَنْ نَظَرَ بِرَأْيِهِ) . استئنافٌ لتفصيل الابتداع ببيان ثلاثة أقسام من لوازمه ؛ أي من فكّر في المسائل وتعيين الصواب من الخطأ وكان المعيار رأيه ـ أي ظنّه بأنّ الصواب كذا كما هو شأن المجتهدين ـ يأوّلون ويخصّصون ظواهر القرآن وظواهر الحديث بالظنّ بالتأويل والتخصيص ، ويرجّحون الأحاديث المتعارضة بالظنّ ، ويقولون : لا شيء إلّا ما أدركته عقولنا وعرفته ألبابنا ، وهذا من أقوى لوازم الابتداع وعبادة النفس .
(هَلَكَ ) أي صار جهنّميا .
(وَمَنْ تَرَكَ أَهْلَ بَيْتِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه و آله ) . هذا بيان لثاني أقسام لوازم الابتداع ؛ أي ومن لم ينظر برأيه ، لكنّه قلّد أئمّة الضلالة ومجتهديها ، لا أهل البيت المؤدّين عن اللّه تعالى لا باجتهاد .
وفي آخر «كتاب الروضة» في خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام : «فإنّ اللّه ـ تبارك وتعالى ـ بعث محمّدا صلى الله عليه و آله بالحقّ ليخرج عباده من عبادة عباده إلى عبادته ، ومن عهود عباده إلى عهوده ، ومن طاعة عباده إلى طاعته ، ومن ولاية عباده إلى ولايته» إلى قوله : «وقد اجتمع القوم على الفرقة ، وافترقوا عن الجماعة» الخطبة . 5 أي اتّفقوا على جواز التفرّق