489
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

(وَإِنْ أَخْطَأْتَ ، كَذَبْتَ عَلَى اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ) . ليس المراد به أنّ الإثم غير حاصل في صورة الإصابة ، بل هو تعريض بالمخالفين وروايتهم أنّ للمصيب أجرين : أحدهما للاجتهاد ، والآخر للإصابة ، وللمخطئ أجر واحد وهو للاجتهاد . ۱ وذلك أنّ العقل يستحيل التفاوت في الأجر بين اثنين بَذَل كلّ واحدٍ منهما وسعَه ، واتّفق الإصابة في أحدهما ، والخطأ في الآخر بدون تقصيره ، فالمراد أنّ كلّاً من الصورتين فيه الوعيد المشهور في الكتاب والسنّة على الكذب على اللّه ، أمّا في صورة الكذب فظاهر ، وأمّا في صورة الإصابة فلأنّ العقل يستحيل التفاوت في الإثم بين الصورتين ؛ إذ ليس تفاوتهما باختيار المكلّف ، فكلّ من الصورتين قبيح ؛ لاحتمال الكذب فيه .
الثاني عشر : (عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبَانٍ الْكَلْبِيِّ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْقَصِيرِ) ؛ بفتح القاف وكسر المهملة وسكون الخاتمة .
(عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ ، وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ) أي صاحبها في النار . وظهر معناه ممّا مرّ في ثامن الباب .
الثالث عشر : (عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسىَ بْنِ عُبَيْدٍ ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ ، عَنْ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسى عليه السلام ، قَالَ : قُلْتُ : أَصْلَحَكَ اللّهُ ، إِنَّا نَجْتَمِعُ فَنَتَذَاكَرُ مَا عِنْدَنَا) أي نتذاكر الأحاديث التي بلغَتْنا منكم وكتبناها .
(فَمَا۲يَرِدُ عَلَيْنَا شَيْءٌ إِلَا وَعِنْدَنَا فِيهِ) أي في حلّه والجواب عنه (شَيْءٌ) أي من أحاديثكم (مُسَطَّرٌ) ؛ بصيغة المفعول من باب التفعيل ؛ أي مكتوب .
(وَذلِكَ مِمَّا أَنْعَمَ اللّهُ بِهِ عَلَيْنَا بِكُمْ ، ثُمَّ يَرِدُ عَلَيْنَا الشَّيْءُ الصَّغِيرُ) أي يسألنا أحد من شيءٍ قليل الورود لم نسألكم عنه (لَيْسَ عِنْدَنَا فِيهِ شَيْءٌ ، فَيَنْظُرُ بَعْضُنَا إِلى بَعْضٍ) أي نعجز عنه

1.الرسالة للشافعي ، ص ۴۹۴ ، باب الاجتهاد ، ح ۱۴۰۹ ؛ مسند أحمد ، ج ۴ ، ص ۱۹۸ ، حديث عبدالرحمن بن حسنة ؛ المستصفى للغزالي ، ص ۳۶۰ ؛ فتح الباري ، ج ۱ ، ص ۶۰ ؛ كنزالعمّال ، ج ۶ ، ص ۷ ، ح ۱۴۵۹۷ .

2.في الكافي المطبوع : «فلا» .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
488

والاختلاف في مسائل الدِّين بالاجتهادات ، وتركوا الذين لا اختلاف في فتواهم وقضاهم .
(ضَلَّ) أي عمّا ينصّ عليه محكمات القرآن من وجوب التمسّك بحبل الراسخين في العلم ، وكلّ ضلالة سبيلها إلى النار كما مرّ في ثامن الباب .
(وَمَنْ تَرَكَ كِتَابَ اللّهِ وَقَوْلَ نَبِيِّهِ) . هذا بيان لثالث أقسام لوازم الابتداع ، وهو أضعف أقسامها ؛ أي ومن لم ينظر برأيه وفيما يتعلّق بنفسه من المسائل ولم يترك أهل بيت نبيّه ، ولكنّه لم يعُدَّ الطائفتين السابقتين مشركتين ، فخالف محكمات الكتاب وقول الرسول الصريحة في إشراكهما ، كما مرّ في آية سورة الأنعام وقوله فيها : «سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا»۱ ، ويجيء بيانه في «كتاب التوحيد» في «باب الاستطاعة» ونحوهما من الآيات .
(كَفَرَ) أي أنكر شيئا من الحقّ المعلوم ، مع ظاهر إسلامه وشهادته أنّ الرسول حقّ والكتاب حقّ ، كما مرَّ في آية آل عمران ؛ وذلك لأنّه اتّبع رأيه في خصوصيّة هذه المسألة .
الحادي عشر : (مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْوَشَّاءِ ، عَنْ مُثَنًّى الْحَنَّاطِ ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ ، قَالَ : قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام : تَرِدُ عَلَيْنَا أَشْيَاءُ) أي نسأل عن مسائل (لَيْسَ نَعْرِفُهَا فِي كِتَابِ اللّهِ ، وَلَا سُنَّةٍ)۲ أي ولا في الأخبار عن النبيّ ولا في الأخبار عن أهل البيت (فَنَنْظُرُ فِيهَا) أي نتفكّر فيها برأينا ونجيب به عنها إذا سُئلنا عنها ؛ والاستفهام مقدّر .
(قال۳: فَقَالَ : لَا) أي لا يجوز ذلك (أَمَا إِنَّكَ إِنْ أَصَبْتَ) أي كان جوابك موافقا لحكم اللّه الواقعي (لَمْ تُؤْجَرْ) أي على الإصابة ؛ لأنّه اتّفاقي ليس باختيارك ، والأجر والثواب النفع المقارن للتعظيم ، ويستحيل أن يقع في مقابلة ما لا اختيار فيه .

1.الأنعام (۶) : ۱۴۸ .

2.في «ج» : «سنته» .

3.في الكافي المطبوع : - «قال» .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 118925
صفحه از 602
پرینت  ارسال به