491
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

الذين جعلوا نظم القرآن المعجز ركيكا جدّا لتعاميهم عن أهل الذِّكر . فمن المحتمل في الآية أن يكون«ها» لتقريب زمان وقوع مدخولها بعد رسول اللّه صلى الله عليه و آله بلا واسطة . قال الجوهري : «ها ، مقصور للتقريب ، إذا قيل لك : أين أنت ؟ قلت : ها أنا ذا» ۱ انتهى .
«أنتم» مبتدأ ، والخطاب لجمهور الأصحاب المخاطبين بقوله : «فقولوا» في آية سابقة وهي : «قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلَا اللّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضا أَرْبَابا مِنْ دُونِ اللّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ»۲ .
«هؤلاء» خبر المبتدأ وإشارة إلى أهل الكتاب المذكورين سابقا ، وهم الذين ابتدعوا الاجتهاد والتقليد بعد نبيّهم ، خلافا لكلمة معلومة نازلة في كلّ كتاب إلهي ، وهي النهي عن اتّباع الظنّ والاختلاف عن ظنّ . والجملة من قبيل التشبيه نحو : زيد أسد .
«حاججتم» استئناف بياني ، وهو إشارة إلى ما مضى في قوله : «فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ» . «فيما لكم به علم» أي سبب ۳ الكلمة التي هي معلومة لكم . «فلِم تحاجّون» بصيغة المضارع نهيٌ عمّا صدر عنهم بعد رسول اللّه من احتجاجات المجتهدين بالمظنونات . «واللّه يعلم» تأكيدٌ للإخبار عن صدور هذا القبيح عن جمهور الأصحاب بعد الرسول صلى الله عليه و آله حين تفرّقهم واتّباعهم خلفاء الضلالة . «وأنتم لا تعلمون» أي إنّ هذا القبيح سيصدر عنكم . «أن» في «أن لا نعبد» مصدريّة ، والمصدر مفعول له لـ «تعالوا» .
وقس عليه آية سورة النساء : «هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا»۴ على أن يكون ضمير «عنهم» للذين يبيّتون القول على اللّه بغير علم .
وكذا آية سورة محمّد : «هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِى سَبِيلِ اللّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ»۵ ؛

1.الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۵۶۰ (ها) .

2.آل عمران (۳) : ۶۴ .

3.في «د» : «بسبب» .

4.النساء (۴) : ۱۰۹ .

5.محمّد (۴۷) : ۳۸ .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
490

(وَعِنْدَنَا مَا يُشْبِهُهُ ) ؛ بصيغة المعلوم من باب الإفعال ۱ ؛ أي يشابه الشيء الصغير .
(فَنَقِيسُ عَلى أَحْسَنِهِ) . الضمير لـ «ما» أي على أوفقه للشيء الصغير .
(فَقَالَ : مَا۲لَكُمْ وَلِلْقِيَاسِ؟) . يُقال : ما لكَ ولزيد ، أي أيّ شيءٍ تريد بمصاحبته؟ ولِمَ لا تتركه ؟
(إِنَّمَا هَلَكَ) أي صار جهنّميّا (مَنْ) ؛ موصولة . (هَلَكَ مِنْ) ؛ حرف جرّ وهي بمعنى «في» . (قَبْلِكُمْ) . الظرف متعلّق بـ «هلك» الأوّل أو بالثاني . (بِالْقِيَاسِ) . متعلّق بـ «هلك» الأوّل .
(ثُمَّ قَالَ : إِذَا جَاءَكُمْ مَا تَعْلَمُونَ ، فَقُولُوا بِهِ) . «جاءكم» أي ورد عليكم ، وهذا التعبير للإشارة إلى تفسير آية سورة النساء : «وَ إِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ اْلأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ»۳ ؛ بأنّ المراد بالمجيء الورود بالسؤال ، والمراد بالأمن الحلال ، وبالخوف الحرام ، وبالإذاعة إفشاء النفاق . والباء للآلة ، والضمير لمصدر «جاء» باعتبار أنّه منشأ لاتّباعهم الظنّ ، تعلمون أي جوابه ضمير به لمصدر تعلمون ، والباء للآلة .
(وَإِنْ جَاءَكُمْ مَا لَا تَعْلَمُونَ ، فَهَا) ؛ بالقصر ، فيه احتمالان :
الأوّل : أن يكون«ها» منصوب المحلّ بالإغراء بتقدير : فالزموا ، وعبارة عن الآيات الأربع اللاتي أوّلهنّ «ها» كما في سورة آل عمران : «هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ»۴ ، فيكون هذا الكلام من الاختصارات البليغة الشريفة اللطيفة ، وله نظائر كثيرة كما نبّه عليه ابن الأثير في النهاية في باب الهمزة مع النون ۵ .
وفيه إشارة إلى تفسيرٍ لهذه الآية وآية اُخرى قبلها بوجه مخالف لتفاسير العامّة

1.في «ج ، د» : «معلوم باب الإفعال» بدل : «بصيغة المعلوم من باب الإفعال» .

2.في الكافي المطبوع : «وما» .

3.النساء (۴) : ۸۲ .

4.آل عمران (۳) : ۶۶ .

5.النهاية ، ج ۱ ، ص ۷۸ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 118664
صفحه از 602
پرینت  ارسال به