الذين جعلوا نظم القرآن المعجز ركيكا جدّا لتعاميهم عن أهل الذِّكر . فمن المحتمل في الآية أن يكون«ها» لتقريب زمان وقوع مدخولها بعد رسول اللّه صلى الله عليه و آله بلا واسطة . قال الجوهري : «ها ، مقصور للتقريب ، إذا قيل لك : أين أنت ؟ قلت : ها أنا ذا» ۱ انتهى .
«أنتم» مبتدأ ، والخطاب لجمهور الأصحاب المخاطبين بقوله : «فقولوا» في آية سابقة وهي : «قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلَا اللّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضا أَرْبَابا مِنْ دُونِ اللّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ»۲ .
«هؤلاء» خبر المبتدأ وإشارة إلى أهل الكتاب المذكورين سابقا ، وهم الذين ابتدعوا الاجتهاد والتقليد بعد نبيّهم ، خلافا لكلمة معلومة نازلة في كلّ كتاب إلهي ، وهي النهي عن اتّباع الظنّ والاختلاف عن ظنّ . والجملة من قبيل التشبيه نحو : زيد أسد .
«حاججتم» استئناف بياني ، وهو إشارة إلى ما مضى في قوله : «فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ» . «فيما لكم به علم» أي سبب ۳ الكلمة التي هي معلومة لكم . «فلِم تحاجّون» بصيغة المضارع نهيٌ عمّا صدر عنهم بعد رسول اللّه من احتجاجات المجتهدين بالمظنونات . «واللّه يعلم» تأكيدٌ للإخبار عن صدور هذا القبيح عن جمهور الأصحاب بعد الرسول صلى الله عليه و آله حين تفرّقهم واتّباعهم خلفاء الضلالة . «وأنتم لا تعلمون» أي إنّ هذا القبيح سيصدر عنكم . «أن» في «أن لا نعبد» مصدريّة ، والمصدر مفعول له لـ «تعالوا» .
وقس عليه آية سورة النساء : «هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا»۴ على أن يكون ضمير «عنهم» للذين يبيّتون القول على اللّه بغير علم .
وكذا آية سورة محمّد : «هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِى سَبِيلِ اللّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ»۵ ؛