(إِنَّ الْجَامِعَةَ لَمْ تَدَعْ لِأَحَدٍ كَلَاما) أي كلاما بالرأي والقياس (فِيهَا عِلْمُ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ) أي جميعه .
(إِنَّ أَصْحَابَ الْقِيَاسِ طَلَبُوا الْعِلْمَ بِالْقِيَاسِ ، فَلَمْ يَزْدَادُوا مِنَ الْحَقِّ إِلَا بُعْدا؛ إِنَّ دِينَ اللّهِ لَا يُصَابُ بِالْقِيَاسِ) . مضى شرحه في سابع الباب .
الخامس عشر : (مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيى ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ الْحَجَّاجِ ، عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ : إِنَّ السُّنَّةَ) . المراد بها ما جاء به الرسول صلى الله عليه و آله . (لَا تُقَاسُ) أي لا يجوز الحكم بأنّ هذا من السنّة بقياسه على سنّة اُخرى ، فما ثبت بالقياس إمّا مخالف لما جاء به الرسول ، وإمّا شريك له في الإثم .
(أَ لَا تَرى أَنَّ الْمَرْأَةَ تَقْضِي صَوْمَهَا وَلَا تَقْضِي صَلَاتَهَا؟) حاصله أنّ الحكم في الدِّين بالقياس يفضي إلى الخطأ الكثير ، وإلى الاختلاف الكثير في أحكام الدِّين وإن بُذِل الوسعُ ، وكلّ ما يفضي إلى أحدهما مردود .
أمّا الاُولى ، فلأنّ الشريعة فيها تفريق المتشاكلات بحسب عقولنا ، وضمّ المختلفات بحسب عقولنا ، فالقياس ـ سواء كان قياس المساواة أم قياس العكس ، ومضى معناهما في شرح عنوان الباب ـ يفضي إلى الخطأ الكثير وإن بذل الوسع ، فيفضي إلى الاختلاف وإن بذل الوسع ؛ لاختلاف القرائح والأنظار والإحاطة بالاُصول بديهةً .
أمّا الفرق بين المتماثلات بحسب عقولنا فكما في هذا المثال ؛ أي إيجاب القضاء على الحائض في الصوم وإسقاطه عنها في الصلاة ، وهي أوكد من الصوم .
وله أمثلة كثيرة كإيجاب القضاء على المسافر فيما قصر في الصوم ، وإسقاطه عنه فيما قصر من الصلاة ، وكإيجاب الغسل ومنع المكث في المسجد بخروج الولد والمنيّ ، وهما أنظف من البول والغائط اللذين يوجبان الوضوء ، وكإباحة النظر إلى الأمَة الحسناء وإلى محاسنها وحَظْر ذلك من الحرّة وإن كانت شوهاء ، وكالتشديد في بول الصبيّة دون الصبيّ ، وهو أعزّ عند الوالدين ، وكقطع سارق القليل دون غاصب الكثير ، وكإيجاب الجلد بنسبة الزنا إلى الشخص دون الكفر ، وكإثبات القتل بشاهدين