(يَا أَبَانُ ، إِنَّ السُّنَّةَ إِذَا قِيسَتْ مُحِقَ) ؛ بصيغة المجهول من باب منع أو باب التفعيل ، أي مُحي (الدِّينُ) . إشارةٌ إلى كثرة الخطأ فيه حينئذٍ كما بيّنّاه آنفا .
السادس عشر : (عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسى ، قَالَ : سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ مُوسى عليه السلام عَنِ الْقِيَاسِ ، فَقَالَ : مَا لَكُمْ وَلِلْقِيَاسِ)۱ أي نزّهوا أنفسكم عن القياس .
(إِنَّ) ؛ بالكسر والتشديد ، استدلال على نفي جواز القياس . (اللّهَ لَا يُسْأَلُ) ؛ بصيغة المجهول ، ونائب الفاعل إمّا ضمير مستتر راجع إلى اللّه ، أو المفعول المطلق المفهوم من قوله : (كَيْفَ أَحَلَّ وَكَيْفَ حَرَّمَ) . «كيف» للاستفهام ، ومحلّها النصب على الحاليّة عند السيرافي ۲ والأخفش ۳ ، وعلى الظرفيّة عند سيبويه ۴ ، أو ۵ للشرط كقوله تعالى : «يُصَوِّرُكُمْ فِى الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ»۶ ، وعلى تقدير كونه للاستفهام وكون نائب الفاعل في «يسأل» ضميرَ اللّه يكون الغيبة في أحلّ وحرّم لرعاية حال المتكلِّم ، كقوله : «وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا»۷ الآية ، شبّه التفكّر في سرّ قدر اللّه تعالى في الحلّ والحرمة بالسؤال كيف أحلّ اللّه وكيف حرّم اللّه ؛ يعني أنّ القياس لا يتحقّق إلّا بالتطلّع إلى سرّ قدر اللّه تعالى في الحلال والحرام ، والتطلّع إلى سرّ قدر اللّه منهيٌّ عنه كما في
1.في الكافي المطبوع : «والقياس» .
2.هو الحسن بن عبداللّه بن المرزبان السيرافي ، نحوي ، عالم بالأدب ، أصله من سيراف من بلاد فارس ، تفقّه في عمّان وسكن بغداد ، فتولّى نيابة القضاء ، وتوفّي فيها سنة ۳۶۸ هجرية . وكان معتزليا ، لا يأكل إلّا من كسب يده ، ينسخ الكتب بالاُجرة ويعيش منها ، له الاقناع في النحو ، أكمله بعده ابنه يوسف ، وأخبار النحويين البصريين وصنعة الشعر والبلاغة وشرح المقصورة الدريدية وشرح كتاب سيبويه . الأعلام للزركلي ، ج ۲ ، ص ۱۹۵ .
3.الأخفش مشترك بين جماعة منهم الأكبر والأوسط والأصغر .
4.هو عمرو بن عثمان بن قنبر الحارئي بالولاء أبو بشر إمام النحاة ، ولد في إحدى قرى شيراز ، وقدم البصرة ولزم الخليل بن أحمد ، وصنف كتابه المسمى كتاب سيبويه في النحو ، لم يصنع قبله ولا بعده في النحو ، توفي سنة ۱۸۰ هجرية ، وقيل : توفي شابّا وقبره في شيراز . الأعلام ، ج ۵ ، ص ۸۱ .
5.حكاه عنهم في مغني اللبيب ، ج ۱ ، ص ۲۷۲ (كيف) .
6.آل عمران (۳) : ۶ .
7.الزخرف (۴۳) : ۴۵ .