497
الشّافي في شرح أصول الكافي ج1

(يَا أَبَانُ ، إِنَّ السُّنَّةَ إِذَا قِيسَتْ مُحِقَ) ؛ بصيغة المجهول من باب منع أو باب التفعيل ، أي مُحي (الدِّينُ) . إشارةٌ إلى كثرة الخطأ فيه حينئذٍ كما بيّنّاه آنفا .
السادس عشر : (عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسى ، قَالَ : سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ مُوسى عليه السلام عَنِ الْقِيَاسِ ، فَقَالَ : مَا لَكُمْ وَلِلْقِيَاسِ)۱ أي نزّهوا أنفسكم عن القياس .
(إِنَّ) ؛ بالكسر والتشديد ، استدلال على نفي جواز القياس . (اللّهَ لَا يُسْأَلُ) ؛ بصيغة المجهول ، ونائب الفاعل إمّا ضمير مستتر راجع إلى اللّه ، أو المفعول المطلق المفهوم من قوله : (كَيْفَ أَحَلَّ وَكَيْفَ حَرَّمَ) . «كيف» للاستفهام ، ومحلّها النصب على الحاليّة عند السيرافي ۲ والأخفش ۳ ، وعلى الظرفيّة عند سيبويه ۴ ، أو ۵ للشرط كقوله تعالى : «يُصَوِّرُكُمْ فِى الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ»۶ ، وعلى تقدير كونه للاستفهام وكون نائب الفاعل في «يسأل» ضميرَ اللّه يكون الغيبة في أحلّ وحرّم لرعاية حال المتكلِّم ، كقوله : «وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا»۷ الآية ، شبّه التفكّر في سرّ قدر اللّه تعالى في الحلّ والحرمة بالسؤال كيف أحلّ اللّه وكيف حرّم اللّه ؛ يعني أنّ القياس لا يتحقّق إلّا بالتطلّع إلى سرّ قدر اللّه تعالى في الحلال والحرام ، والتطلّع إلى سرّ قدر اللّه منهيٌّ عنه كما في

1.في الكافي المطبوع : «والقياس» .

2.هو الحسن بن عبداللّه بن المرزبان السيرافي ، نحوي ، عالم بالأدب ، أصله من سيراف من بلاد فارس ، تفقّه في عمّان وسكن بغداد ، فتولّى نيابة القضاء ، وتوفّي فيها سنة ۳۶۸ هجرية . وكان معتزليا ، لا يأكل إلّا من كسب يده ، ينسخ الكتب بالاُجرة ويعيش منها ، له الاقناع في النحو ، أكمله بعده ابنه يوسف ، وأخبار النحويين البصريين وصنعة الشعر والبلاغة وشرح المقصورة الدريدية وشرح كتاب سيبويه . الأعلام للزركلي ، ج ۲ ، ص ۱۹۵ .

3.الأخفش مشترك بين جماعة منهم الأكبر والأوسط والأصغر .

4.هو عمرو بن عثمان بن قنبر الحارئي بالولاء أبو بشر إمام النحاة ، ولد في إحدى قرى شيراز ، وقدم البصرة ولزم الخليل بن أحمد ، وصنف كتابه المسمى كتاب سيبويه في النحو ، لم يصنع قبله ولا بعده في النحو ، توفي سنة ۱۸۰ هجرية ، وقيل : توفي شابّا وقبره في شيراز . الأعلام ، ج ۵ ، ص ۸۱ .

5.حكاه عنهم في مغني اللبيب ، ج ۱ ، ص ۲۷۲ (كيف) .

6.آل عمران (۳) : ۶ .

7.الزخرف (۴۳) : ۴۵ .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
496

دون الزنا ، وكالفرق بين عدّتي الطلاق والوفاة ؛ وأمثلته كثيرة جدّا .
ويجيء في «كتاب الديات» في «باب الرجلُ يقتل المرأة والمرأة تقتل الرجل» إلى آخره عن أبان بن تغلب قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : ما تقول في رجل قطع إصبعا من أصابع المرأة ، كم فيها ؟ قال : «عشرة من الإبل» . قلت : قطع اثنتين ۱ ؟ قال : «عشرون» قلت : قطع ثلاثا ؟ قال : «ثلاثون» قلت : قطع أربعا ؟ قال : «عشرون» قلت : سبحان اللّه يقطع ثلاثا فيكون عليه ثلاثون ، ويقطع أربعا فيكون عليه عشرون؟ إنّ هذا كان يبلغنا ونحن بالعراق ، فنبرأ ممّن قاله ، ونقول : الذي جاء به شيطان ، فقال : «مهلاً يا أبان هكذا حكم رسول اللّه صلى الله عليه و آله إنّ المرأة تعاقل الرجل إلى ثلث الدية ، فإذا بلغت الثلث رجعت إلى النصف ، يا أبان إنّك أخذتني بالقياس ، والسنّة إذا قيست مُحقَ الدِّين» . ۲
وأمّا ضمّ المختلفات بحسب عقولنا ؛ فمنه التسوية بين قتل الصيد عمدا وخطأً في الفداء في الإحرام ، ومنه التسوية بين الزنا والردّة في القتل ، ومنه تسوية القاتل خطأ والواطئ في الصوم ، والمظاهر عن امرأته في إيجاب الكفّارة عليهم ، ومنه تسوية زمان وجود المحتاجين وزمان فقدهم في وجوب ما استيسر من الهدي على المتمتّع في يوم النحر بمنى ؛ وأمثلته كثيرة جدّا .
وأمّا الثانية ، فلآيات بيّنات كثيرة ناهية عن القول على اللّه بغير علم ، وعن الاختلاف في أحكام الدِّين .
إن قلت : يحتمل أن يكون المراد بالحديث أنّ القياس لا يفيد ظنّا ؛ لأنّ السنّة فيها ضمّ المختلفات وتفريق المتشاكلات ، كما في هذا المثال وأمثاله الكثيرة . والقياس لو أفاد ظنّا إنّما يفيده فيما لم يعلم فيه كثرة ذلك .
قلت : العلم بالكثرة لا نُسَلِّم أنّه ينافي الظنّ إلّا إذا كانت الكثرة بحيث يكون غالبا على ضدّه ، وهو ممنوع .

1.في «د» : «اثنين» .

2.الحديث ۶ من باب الرجل يقتل المرأة والمرأة تقتل الرجل ... . وفيه : «تقابل» بدل : «تعاقل» .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 95866
صفحه از 602
پرینت  ارسال به